ماذا تعني دعوة سوزان رايس مندوبة واشنطون الدائمة بالأمم المتحدة ومطالبتها للحكومة السودانية بالتفاوض بدون شروط مع قطاع الشمال بالحركة الشعبية؟ أليس ذلك تطاولاً وتدخلاً لا مبرر له وليس مقبولاً مهما كان، في شؤوننا الداخلية؟، وصفاقة سياسية من المسؤولة الأمريكية الأشدّ حِقدًا على السودان، يجب التصدي لها بقوة ورفضها من أساسها وإدانة سلوك رايس المتحيزة باستمرار للحركة الشعبية في دولة الجنوب وعملائها من قطاع الشمال والجبهة الثورية. ومعروف أن رايس من غلاة المعادين للسودان في الإدارة الأمريكية وظلت تتعامل بتطرُّف لا حدود له مع السودان وتحيك المؤامرات ضده وتتبنى مشروعات القرارات داخل مجلس الأمن الدولي لفرض العقوبات ضد بلدنا وتأليب المجتمع الدولي للضغط علينا وإضعاف مواقفنا وإعاقة مسيرتنا نحو الاستقرار والسلام والتنمية. ووقفت رايس بشراسة وكراهية وراء كل ما صدر ضدنا وعملت بحماس كبير في إعداد وصياغة وتمرير القرار «2046» من مجلس الأمن ومحاولة استصدار غيره من القرارات، وهي تمثل تياراً متشدداً من الناشطين السياسيين في الولاياتالمتحدة يعمل ضد السودان، ويسعى لتأمين بقاء وحياة دولة جنوب السودان ومنع انهيارها وسقوطها، كما يعمل على إبقاء مشروع السودان الجديد على قيد الحياة حتى يستطيع أن يتسلل من جديد إلى حياتنا السياسية ويحقق أهدافه. وحرص سوزان رايس وإصرارها والتيار الذي تمثله على ضرورة موافقة حكومة السودان على الحوار مع ما يسمى بقطاع الشمال في الحركة الشعبية، هو محاولة لإيجاد تسوية سياسية تضمن إضفاء شرعية على هؤلاء العملاء ودمجهم في الحياة العامة وفي السلطة مرة أخرى ومقاسمتهم المواقع التنفيذية والسياسية ووضع ترتيبات لقواتهم على نسق ما جاءت به الاتفاقية المشؤومة «نيفاشا» وإعطائهم أفضلية في تخصيص المواقع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وإرجاع الأوضاع فيها كما كانت، بما يعزز من وجود الحركة الشعبية قطاع الشمال وقوات الجيش الشعبي ومن ثم الإعداد لمرحلة أخرى معلومة لدى رايس وجوبا والجبهة الثورية وكل القوى الدولية المعادية للسودان. مثل هذه الدعوات ليست من أجل السلام والاستقرار في السودان أو لإنهاء حالة الحرب والصراع، ولا رغبة في تهدئة الأوضاع التي صنعتها الأحلام الزائفة لعملاء واشنطون في المنطقة التي من أهدافها تدمير السودان وسلخه عن هويته وتاريخه واستبداله بمشروع استعماري مصطنع صاغته وأنتجته الدوائر الأمريكية المتطرفة، فكل ما في الأمر أن واقعاً وتوجهاً لا ترضى عنه رايس وأخفقت في تغييره، لا تريد نسيان خيباتها المتكررة فتحمل أعواد ثقاب في كل مرة وتشعل النار في كل اتجاه وتصبُّ مزيداً من الزيت على النيران الملتهبة .! على حكومتنا التعامل مع هذه القضايا بشيء من الحسم وإبلاغ واشنطون رسالة مفادها أن مثل هذه التصريحات والإملاءات لا تفيد في إزالة كل العقبات أمام العلاقات المتوقفة أصلاً في محطة واحدة بين البلدين، ولم تلفح كل المحاولات لتطبيعها بسبر غلبة التيارات المتشددة ومنها التيار المعادي للسودان في كل شيء وتمثله سوزان رايس. أما قِطَاع الشمال أو قُطّاع طرق السياسة الإقليمية والدولية، فليس هناك ما يدفع الحكومة ويشجعها ويحفزها للحوار معه، فقيادات هذا القطاع لا تمثل المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، فلا الحلو أو عقار أو عرمان، لهم علاقة بقضايا هاتين الولايتين، هم يمثلون رؤية دولة أجنبية هي جنوب السودان وهم جزء من الحزب الحاكم في هذه الدولة، يأتمرون بأوامرها ويتحركون بتوجيهاتها وأموالها ويعتاشون من فتات ما تلقيهم في أياديهم السفلى. المطلوب من الإدارة الأمريكية أن تعبِّر عن موقف يتطابق مع الحقائق المجردة على الأرض فليس هناك علاقة بين قطاع الشمال بالحركة الشعبية بقضايا المواطنين في المنطقتين المتأثرتين بالحرب، فقطاع الشمال والحركة الشعبية في الجنوب تستغل هذه الأوضاع والحرب الدائرة هناك لتضخيم صورة قطاع الشمال والترويج لرغبة مجنونة من قيادات القطاع للمشاركة في السلطة من جديد وتنفيذ ما عجزوا عنه خلال الفترة قبل الانفصال. نقلا عن صحيفة الانتباهة 27/1/2013