الهيمنة الأمريكية على العالم تحمل وجوهاً عدة، سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية، إلى غيرها من القضايا التي تصل إلى تفاصيل دقيقة في الأمور الحياتية اليومية لبعض الدول . في الجانب العسكري، تتوزع القواعد الأمريكية في العديد من دول العالم، خارقة سيادة هذه الدول ومنتهكة خصوصياتها منذ ما يقرب من ستة عقود، أي بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام ،1945 وأخضعت الدول المهزومة لاتفاقات انتهكت سيادتها، وما زالت تبعاتها إلى اليوم . الغريب أن هذه القواعد موجودة في دول قوية وذات سيادة ولها تأثيرها في العالم، مثل ألمانيا واليابان رغم انتهاء مفاعيل الحرب وتبعاتها . كما أن واشنطن تنشر قواعدها في العالم كمراكز تجسس وتدخّل في الشؤون الداخلية لغيرها من الدول، وما يتخلل ذلك من تجاوزات للجنود الأمريكيين، كما حالات الاغتصاب في كوريا الجنوبية وتايوان واليابان . ومع مرور الزمن تحوّلت دولة كاليابان التي تنتهك القاعدة الأمريكية في أوكيناوا سيادتها، من اتفاق فرض عليها بعد هزيمتها في الحرب، التي أنهتها واشنطن بإبادة مدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية، إلى تحالف لا يتزعزع مع واشنطن والإدارة الأمريكية رغم الرفض الشعبي والاحتجاجات التي تخرج بين الفينة والأخرى رفضاً للوجود الأمريكي . وتتضح حقيقة كيف أصبحت دول العالم “سداح مداح" لعبث أمريكا، بعد ما تم كشفه من أن 152 دولة تواطأت مع الإدارة الأمريكية في قضية السجون السرية التي أثار كشفها فضيحة مدوية في العالم لواشنطن وسياساتها، مع العلم أن الدول الأعضاء في الأممالمتحدة 194 دولة . سياسياً، تفرض واشنطن هيمنتها على الكثير من الدول بإجبارها على تبني سياسة تخدم مصالحها بطبيعة الحال، ولا تستجيب لتطلعات وآمال شعوبها، يأتي ذلك بالتأكيد بعد أن “تغدق" الإدارة الأمريكية من عطاياها على الأنظمة وتشجعها على قمع شعوبها، وتوهمها بأنها هي الضامن الوحيد لبقائها وغير ذلك يعني خلعها . لذلك من الطبيعي أن تجد دولة مثل مصر تتلقى ملياراً ونصف المليار دولار سنوياً على شكل هبات ومساعدات من الإدارة الأمريكية، تمتثل للسياسات الأمريكية ويتضح كيف أثّر ذلك في تدجين النظام السابق وقلب مواقف الحالي وتحييد البلاد من الصراع العربي - الصهيوني . أما في الجانب الاقتصادي، فيكفي واشنطن أنها تضع البنك وصندوق النقد الدوليين تحت جناحيها وتفرغ ما بهما من أموال في جيوبها لتصبح أكبر مدين لهاتين المؤسستين في العالم، وعلى الجانب الآخر تؤمن الثروات النفطية في العراق وأفغانستان وغيرهما من الدول لخدمة اقتصادها ومصالحها . ثقافياً، تعمل الإدارة الامريكية على أمركة العالم، بحيث أصبحت اللغة الإنجليزية اللغة المسيطرة في العالم حتى إنها طغت على اللغات المحلية في بعض البلدان، كما أن “الفاست فود" بات من أبجديات شعوب العالم، لذا بات واضحاً أن العالم أضحى “قرية أمريكية صغيرة"، واشنطن “عرّابها وبوابها" . المصدر: الخليج الاماراتية 12/2/2013م