طبيعة الأشياء تقول أن من هو في السلطة يسعده ويسره تأجيل الانتخابات لأي سبب من الأسباب لأنها تأتي له ((بزيادة خير)) فإذا كانت الولاية أربع سنوات كما جرت العادة في الدول الغربية، وكانت فترة التأجيل مثلاً عاماً، فان هذا العام يضاف إلى من هو في السلطة فإذا فاز في الانتخابات التي تلت التأجيل، وبدلاً من أن ينتظر من لم يحالفهم الفوز أربع سنوات سينتظرون خمس سنوات، وإذا تفاءل منهم خارج السلطة بفوزهم بعد التأجيل فان فترة التأجيل يمكن أن تؤثر على أسباب هذا التفاؤل ولو كان تابعاً من أسس عملية. فالتأجيل إذا صحب في صالح الذين في المعارضة ليرتبوا أوضاع أحزابهم الداخلية فهو يخدم من في السلطة بصورة أكبر مما يقدمها لأحزاب المعارضة.. ونقصد بالمعارضة هنا حزبي الفوز التاريخي حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطية ((الأصل)). أما أحزاب ((البرلمان)) فقط مثل الحزب الشيوعي صاحب المقاعد الثلاثة في آخر برلمان ديمقراطي .. أو المؤتمر الشعبي الذي يمثل المجموعة المنحدرة إلى مستوي الحزب الشيوعي الانتخابي، أو الحركات المسلحة الدارفورية التي تنال بالاتفاقيات مالا تستطيع نيله بالعملية الانتخابية الديمقراطية ..هذه القوى شحيحة القواعد الجماهيرية التي تؤهلها للتنافس الانتخابي، فإن تأجيل الانتخابات يمكن أن يصب لصالحها من زاوية احتمال تضرر المؤتمر الوطني في فترة التأجيل بسبب أنه قبل الانتخابات يظل بلا شرعية ديمقراطية باعتبار أن ((الشرعية)) لن يكسبها قبل كسبه للفوز في الانتخابات القادمة .. بسبب مستواه الجماهيري المعروف، فهو بالانقلاب العسكري القائم على خيانة قائد الحرس الجمهوري وقتها في عام 1971م لم يستطيع الاستمرار في السلطة أكثر من اثنتين وسبعين ساعة .. فماذا سيجني من الانتخابات غير مقعدين على الأكثر في البرلمان؟! وحتى المقعد الثالث في برلمان عام 1986م والذي جلس عليه عز الدين علي عامر كان هدية غير مباشرة من زعيم الجبهة الإسلامية الترابي ومرشح الدائرة المعنية الفاتح عابدون، حينما زاحم الأخير مرشح أنصار السنة الدكتور يوناس بول دي مانيال ابن قبيلة الشلك، فتشتت بذلك أصوات الإسلاميين لصالح مرشح الحزب الشيوعي الذي كسب من هذا التشتت ((المقعد الثالث)) الذي يعتبر ضد الإسلاميين مثل هدف مدافع الهلال الثلعب في شباك فريقه لصالح الفريق الخصم الأهلي المصري عام 1987م في القاهرة وكانت الانتخابات عام 1986م أي أن الإسلاميين استبقوا لاعب الهلال في التهديف في شباكهم، وهذا بسبب الترابي الذي سقط في تلك الانتخابات في دائرة جبرة والصحافة حينما انسحب فيها مرشح حزب الأمة سعيد احمد خليفة لصالح مرشح الاتحادي الديمقراطي، وكان المطلوب أن ينسحب مرشح الجبهة الفاتح عابدون لصالح مرشح أنصار السنة لأن الجبهة خاضت الانتخابات في أكثر من ستين دائرة بينما خاضها ((أنصار السنة)) في دائرة واحدة استكثرها عليهم الترابي حينما كان الأمين العام للجبهة الإسلامية القومية. ثم إذا افترضنا جدلاً أن مطالبة رئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم بتأجيل الانتخابات لما بعد توقيع الاتفاق النهائي كانت صحيحة ومعقولة حتى تستوعب العملية الانتخابية حركته ((لربما فاز بالرئاسة عبر صناديق الانتخابات)). فالسؤال هنا هل هو وحده الذي يحارب أو كان يحارب ضد الحكومة في إقليم دارفور؟! ألم يكن حرياً به أن يتحدث عن ضرورة توجه حركة عبدالواحد والحركات الأخرى وهي عشرات الحركات إلى منبر التفاوض في الدوحة حتى تكون مطالبته بالتأجيل موضوعية؟! أن عشرات الحركات في إقليم دارفور .. وباستثناء حركة عبدالواحد .. إذا توحدة تحت قيادة واحدة بعد التوقيع النهائي مع حركة خليل إبراهيم وحدها، يمكن أن يؤهلها توحدها هذا لسد الطريق أمام إجراء الانتخابات في إقليم دارفور باستخدام أسلوب ((الهجوم والهروب)) واستخدام الإعلام الغربي لصالحها. وهو إعلام دائماً شهيته مفتوحة للتآمر ضد السودان.. ولذلك يبقي الأنسب مع ظروف تعدد منابر التفاوض مع الحكومة وتباعد المسافات الزمنية بين الاتفاقية والأخرى، يبقي انسب هو ألا تؤجل الانتخابات حتى لا يتدخل توقيتها الجيد توقيت استفتاء شعب جنوب السودان حول تقرير المصير وهو بعد الانفصال على الأرض أصبح أجراء أخيراً لا يفيد إلا في إقالة المسؤولين الدستوريين الجنوبيين في الشمال في حالة رضي أغلب الشعب الجنوبي بالانفصال الواقع منذ خمس سنوات وبالتالي يكون قد أعلن بعد خمس سنوات من وقوعه، ثم يمكن للحركات المسلحة أن تخوض الانتخابات بعد القادمة عام 2014م أن شاء الله. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 2/3/2010م