رغماً من أن القوى السياسية وحركات دارفور جربت من قبل، الخذلان من الحركة الشعبية الأم قبل الانفصال، وكذا قطاع الشمال في أوقات سابقة عندما كانت الحركة جزءاً من النظام وتعارضه في ذات الوقت، حينما حشدت الجماهير للتظاهر في الموردة بدار حركة مناوي بان الاحتجاج على رفع أسعار السلع الاستهلاكية، وتعديل بعض القوانين، فاستنشقت الحشود (البنبان) وظهر عرمان وباقان في البرلمان معلنين توصلها لاتفاق مع الحزب الحاكم، وكذلك عندما أجمعت القوى السياسية على عدم شرعية الحكومة لتخرج الحركة الشعبية وحدها عن ذلك الإجماع، فضلاً عن دخولها منفردة في مفاوضات نيفاشا بالرغم من أنها جزء من التحالف المعارض، ها هي تلدغ مرة أخرى من الجحر ذاته لجهة أن قطاع الشمال يمم وجهه شطر إثيوبيا ليجلس مع وفد الحكومة السودانية في مفاوضات بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بوساطة أفريقية تاركاً خلفه تحالفاً عريضاً أسمه (الجبهة الثورية) ووثيقة أقامت الدنيا وأقعدتها أطلق عليها (الفجر الجديد). حركات دارفور خاصة حركة مني مناوي التي تعتبر أقوى المجموعات في الميدان حالياً كانت علاقتها مرحلية مع الحركة الشعبية وتكتيكية حتى قبيل عودة مناوي إلى التمرد مرة أخرى، فمناوي الذي طرح مطالبه من جوبا لم يدر بخلده أن الحكومة سترفضها جملة وتفصلاً، وتجبره على اللجوء لحركة كان قبل وقت قريب يتهمها بمعاونة حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم بمهاجمته في مهاجرية التي فقد فيها عدداً كبيراً من خيرة جنوده ووجه الاتهام تحديداً لباقان أموم الذي قال إنه دبر ذلك مع خليل بمنطقة أم جرس التشادية. أما الحركة الشعبية قطاع الشمال فقد أعطت إشارات مبكرة بأنها ستتحالف مع الحركات الدارفورية إذا تعرضت للهجوم من قبل النظام، وذلك عندما عقد رئيسها مالك عقار مؤتمراً صحفياً بمقر القطاع بأركويت وبين فيه الأمر، ولكن يبدو أن الحركة الشعبية كانت أذكي من حركات دارفور المسلحة التي استدرجتها إلي كردفان ووقعت معها اتفاق تحالف كاودا بداية، وبعد أن شارك أفراد الفصائل القادمة من مجاهيل دارفور في المعارك بهجليج وجبال النوبة طورت حركة عقار تحالفها إلي الجبهة الثورية في وقت لم ترسل فيه الحركة الشعبية قطاع الشمال جندياً واحداً إلى دارفور للقتال هناك. المراقب للالتقاء الذي حدث بين الحركات المسلحة والحركة الشعبية في جسم الجبهة الثورية يلحظ بوضوح عدم القناعات باستمرارية الجسم فالبيانات التي كانت تصدر بعد العمليات العسكرية تخرج من الحركات منفردة دون أن يكون البيان صادراً باسم الجبهة الثورية، كما أن حرص خروج قرار مجلس الأمن الدولي الذي ألزم الحركة الشعبية قطاع الشمال بالجلوس للتفاوض مع الحكومة والذي سعي ياسر عرمان لاستصداره بجولاته الماكوكية للعواصم الغربية كان إشارة قوية بأن التحالف لن يستمر وانه إلى نهاية، الحركة الشعبية وجدت لنفسها ذريعة للتفاوض مع الحكومة السودانية عبر قرار مجلس الأمن حتى لا تغضب المتحالفين معها، ولكن قبل أن توصل تفسيراتها إليهم خرجت مواقفهم غاضبة على تلك الخطوة والتي وصفها الأستاذ إسماعيل رحمة المحامي القيادي بحركات دارفور بأنها مشاركة مخجلة، وتابع في بيان تحصلت القرار على نسخة منه بأن هذا التصرف هو خرق لمبدأ تأسيس الجبهة الثورية وميثاق الفجر الجديد. وأضاف رحمة في بيانه مخاطباً قيادات الحركات (الثورية بدأت من دارفور وانطلقت منها، والشهداء على أرض دارفور والمسئولية الأخلاقية تجاه أهلكم في النزوح واللجوء تحتم عليكم مراجعة القرارات المصيرية، وأن مصير شعب وأمه كأهل دارفور غير مرهون بأجندات من شأنها أن تتصيد فرصة استغلال قضية دارفور لتحقيق مكاسب لها. وفي السياق ذاته قال محمد ضياء الدين المتحدث باسم حزب البعث عضو هيئة تحالف قوى الإجماع الوطني أن المفاوضات بين الحركة الشعبية والحكومة سواء نجحت أو فشلت ستستطيع بكل التحالفات بما فيها وثيقة الفجر الجديد التي تم توقيعها في كمبالا وتنص على إسقاط النظام بقوة السلاح، مشيراً إلي أن الوثيقة الوحيدة التي باتت محل إجماع من القوى السياسية المعارضة هي وثيقة البديل الديمقراطي. البروفسير حسن الساعوري أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين اختلف قيلاً مع ضياء الدين وأبان في حديثه للقرار أن المفاوضات بين الطرفين إذا أفضت إلي سلام ستقضي على التحالف العسكري، ولكن التعاون سيكون في إطار تحالف سياسي، متوقعاً أن تسهم الحركة الشعبية إذا وقعت على اتفاق سلام مع الحكومة، في إقناع حركات دارفور بالدخول في العملية السلمية ومن ثم تشكيل تحالف عقب السلام الشامل لخوض الانتخابات. نقلاً عن صحيفة القرار 25/4/2013م