لا نعتقد وفقاً لما نرى ونتابع لمجريات الحقوق الإعلامية للقوى السياسية المختلفة التي تشارك في الإستحقاق الانتخابي في السودان، أن الفرص التي أتاحتها الآلية الإعلامية المسؤولة عن هذا الأمر لهذه القوى ومرشحيها تساوي القدر الكافي تماماً لهذه القوى، فهي فرص مفتوحة ومحددة بزمن ربما كان مناسباً، ولكن بالتأكيد لن يكون كافياً الى الحد الذي تطمع فيه هذه القوى، ولسنا هنا بصدد ايجاد مبررات لهذا الامر فأجهزة الإعلام في أي بلد نامي، هي مسئولية الدولة وليس الحكومة ومع ذلك فإن الفرص التي أتيحت – بمقياس سياسي – هي فرص على أية حال تعتبر عادلة سواء من ناحية المساواة بين المرشحين أو من ناحية اقتطاع الزمن المحدد من الخارطة البرامجية لهذه الاجهزة ولكن وعلى الرغم من كل ذلك فإننا نتساءل هنا وبإلحاح، عن ما اذا كان الذين يقفون موقف الناقد لدرجة تقديم المذكرات والتظاهر ضد مفوضية الانتخابات العامة – لهذا السبب – ينظرون بذات النظرة الناقدة لما يجري في جنوب السودان ليس فقط من حيث التضييق في الممارسة السياسية فهذا أمر قنع كل سياسي غير منتمي للحركة بأنه مستحيل، بل حتى الذين ترشحوا كمستقلين وكانوا قبل أسابيع قادة وأعضاء في الحركة لم يمنحوا الفرص لممارسة حقوقهم ولكن حتى في الجانب الصحفي والاعلامي، فإن حملة منظمة تشنها أجهزة استخبارات الحركة الشعبية هناك ضد الصحفيين والاعلاميين وكلنا شهدنا الهجوم العسكري الذي تعرضت له بعض الاذاعات المحلية في عدد من الولاياتالجنوبية مؤخراً، وكان الأمر المفجع والأكثر غرابة أن قيادة حكومة الجنوب لم تنف الهجوم ولا بررّته بأسباب يمكن إبتلاعها وهضمها ولكنها أرسلت تحذيراً شديد اللهجة لكل الساسة والعاملين في المجال الإعلامي والمرشحين بأنها لن تسمح لهم بأن يقولوا ما يشاءون أو يتعرضوا بالمساس للحركة وقيادتها!!، العذر هنا – كما يقولون – أكثر قبحاً من الذنب ففي الوقت الذي يسود فيه الضجيج هنا في الخرطوم بشأن الفرص الاعلامية للقوى السياسية فإن حكومة الجنوب تضع تناول الشأن الجنوبي أو شأن الحركة الشعبية (خطاً أحمراً) للتناول الإعلامي في الجنوب حيث لا مجال للحديث عن الفساد المالي أو المحسوبية المتفشية أو تبديد أموال النفط أو تردي الخدمات وبالطبع لا يدري احد عن ماذا سيتحدث المرشحون ولا كيف سيتم تقويم أوضاع الجنوب في ظل هذا التكميم المخجل؟! ان الذين يطالبون بفرص أوسع هنا في الخرطوم سيجدون الاحترام الكامل منا ومن جميع المراقبين لو أنهم نادوا وانفعلوا أيضاً بما يجري في الجنوب فالمبادئ والمواقف لا تتجزأ، ومن العبث بمكان أن يصيح في آذاننا ياسر عرمان ويغض نظره ويعجز لسانه عن قول شئ، أي شئ فيما يجري من انتهاك للحرية الصحفية والاعلامية في الجنوب الذي تسيطر عليه حركته بالحديد والنار!!