تواترت أنباء عديدة عن مطالبات ظلت تدفع بها حركة الدكتور خليل باستمرار وهي في خضم تفاوضها مع الحكومة السودانية في العاصمة القطرية الدوحة لتأجيل الإنتخابات العامة في السودان. وهي مطالبات صادفت هوى في نفوس بعض القوى السياسية قليلة الحظ أو اليائسة من احراز نجاحات. ولكن السؤال الذي ينبغي أن يُثار في هذا الصدد هل تستند مطالبة حركة الدكتور خليل هذه على أي سند؟ الواقع ولكي نجيب على هذا السؤال فإن من الضروري أن نراجع طبيعة الاتفاق الذي وقعته الحركة مع الحكومة في أواخر فبراير الماضي بالدوحة. فالاتفاق الذي حوى (12) بنداً شملت موضوعات هامة، وغالبها جاء كأطروحات طرحتها حركة د. خليل لم يبتعد تماماً عن ملامسة أصل النزاع، كما أن البنود التي أحيلت للإتفاق والتفاوض هي (5) بنود فقط، وكلها تقع ما بين ترتيبات أمنية، وتقسيم سلطة وثروة شأنها شأن سائر اتفاقيات السلام، ولا نبالغ أن قلنا أنه ونظراً لوضوح رؤى الطرفين وسهولة المواد الخمس موضوع التفاوض هذه فإن موعداً قد تم الاتفاق عليه للتوقيع على الاتفاق النهائي، وعادة لا يحدث مثل هذا الأمر في أية مفاوضات الا اذا كانت إرادة الطرفين قد اتجهت وبصورة جادة الى رؤى واضحة بشأن القضايا المطروحة بل قد يكون الاتفاق نفسه – بكافة تفاصيله – قد تبلور الى درجة كبيرة لدى الطرفين خاصة وأن الوسطاء قد بذلوا جهوداً حثيثة سابقة كما أن هناك اتفاق حسن نوايا سابق تم في العام الماضي اضافة الى المفاوضات التي جرت في أنجمينا قبل الاتفاق الاطاري في الدوحة هذه كلها مؤشرات موضوعية تدل على أن الاتفاق يمتلك عناصر النجاح المطلوبة ومن ثم فإن التوصل الى اتفاق – وهو بهذه المثابة لم يعد سوى مسألة وقت فقط – كفيل بوضع النقاط على الحروف بما لا يستدعي معه أي تفكير في تأجيل الانتخابات، اذ بامكان الحركة أن تهيئ نفسها للاستحقاق الانتخابي المقبل، عقب هذا الاستحقاق لأنها ستشارك في السلطة بالكيفية التي سيجري الاتفاق حولها الآن. من ناحية ثانية فإن ترك الباب مفتوحاً لتأجيل الانتخابات كل ما جرت مفاوضات مع فصيل دارفوري من الفصائل العديدة المنتشرة في الاقليم سوف يجعل قضية التأجيل هذه قضية مستمرة بلا نهاية وبلا سقف، ومن ثم تتعرقل عملية استراتيجية شديدة الأهمية – وعلى كل فإن حركة العدل والمساواة – وبصرف النظر عن وزنها وتأثيرها – هي نفسها في حاجة لإعادة النظر في تنظيمها ولا ندري لماذا من المهم أن ينتظرها الآخرون لتدخل ساحة التنافس الانتخابي الآن؟ فقد ظلت ترفض التفاوض لسنوات مضت، وأهدرت زمناً غالياً من عمر الأزمة وعرقلت ما عرقلت من مسيرة البلاد السياسية فهل تتم مكافأتها بعد كل ذلك بتأجيل الانتخابات؟