انتهت أمس – الثلاثاء – الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس سلفاكير للسودان والتي بدأت صباح أمس الأول وجاءت وسط أجواء إيجابية تامة، تمثلت في الحفاوة البالغة التي استقبل بها الوفد وما سبق ذلك من أحداث في دولة الجنوب، نذكر، منها – علي سبيل المثال لا الحصر – التعديل الوزاري الأخير الذي أطاح بالمجموعات التي كانت تقف حجر عثرة أمام تطبيع العلاقات بين البلدين الشقيقين وإذكاء الخلافات ودق الحرب وتشجيع حركات التمرد التي تقف علي رأسها ما يسمي ب"الجبهة الثورية". ولعل الإشارة الإيجابية الأخرى التي سبقت هذه المرة الزيارة هي تلك المظاهرات بالوحدة مع السودان في ضوء حقائق التاريخ والجغرافيا التي تؤكد أننا شعب واحد.. وهو ما أملت علي الإخوة هناك أن يختاروا اسم "دولة جنوب السودان" بما يعكس الرغبة المتأصلة بين السودان والجنوب السوداني في تكامل حقيقي. تتمثل روعة خبر هذه المظاهرات التي انطلقت في الأسبوع الماضي بجوبا أنها كانت قد جاءت علي لسان السيد وزير داخلية الدولة الوليدة. مثلما جاء تصريح السيد وكيل وزارة خارجية الجنوب، مؤكداً علي إيجابية المناخ للوصول لاتفاق جذري لكافة القضايا، منوهاً إلي أنه لن تكن هناك عقبة تقف ضد الوصول إلي نهايات طيبة. ويلاحظ تركيز وفد المقدمة علي الجوانب الاقتصادية مثل النفط والتجارة كما أن عملية تمديد تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية والذي كان يفترض أن ينتهي في هذا الشهر، تؤكد مدي المرونة والتفاهم المشترك بحيث يستطيع أي مراقب أن يصل إلي عدم توقف هذه العملية لتدخل كل مرة في فترة تمديد جديدة حتي يتسنى لنا وضع الاتفاق النهائي والجذري المدعوم هذه المرة بأجواء بناءة وحميمة. وإذا كانت أبيي تعد من أهم النقاط التي سيتناولها لقاء الأشقاء فإن المرء يستطيع أن يقول إن هناك أكثر من بادرة تؤكد علي تجاوز هذه الأزمة بخاصة وأن غياب بعض العناصر المهيجة "agitators" سيساعد في تحكيم العقل والمنطق بحيث يتم الوصول في نهاية الأمر إلي اتفاق يقود إلي استمرارية التعايش بين قبائل المسيرية وقبائل الدينكا نقوك أصحاب التاريخ المشترك والمعايشة التي أكدت في وقت مبكر علي إمكانية هذا التعايش. إننا إذ نثمن هذه الأجواء الإيجابية المصاحبة للقاء القيادة في كل من البلدين، نثق تماماً – هذه المرة – في إمكانية الوصول إلي اتفاق حقيقي يقود إلي تعزيز السلام والأمن والاستقرار في المنطقة كلها. وينعكس نماءً ووفرة ورخاء علي السودان وأشقائه في الجانب الآخر؛ حيث يستفاد من عائدات النفط في البنية التحتية، وتزدهر تجارة الحدود وتوقف هذه الحرب اللعينة التي ظلت تمخر في جسم البلدين لسنوات عدة. مرحباً بالرئيس سلفاكير في داره وبين أهله وأحبائه. مع أمنيات بدوام العزة والاستقرار لكل من دولة الجنوب والسودان وكل الأمل أن تتوقف الحروب وأجندة الفتنة والخلاف كنتاج طبيعي لما حدث من تغيير داخل كيان السلطة في الدولة الوليدة.. ليبقي كل بطل مكانه ولتسقط الخيانة. نقلا عن صحيفة الخرطوم السودانية 4/9/2013م