يظل ملف الترتيبات الأمنية هاجساً يؤرق مضجع الحكومة السودانية وينسف كل مساعي التقارب بين الدولتين رغم حسن النوايا الذي شهدته قمة الرئيسين البشير وسلفاكير مؤخراً بالخرطوم، والتي تطرقت بشفافية وفقاً لمصادر موثوقة إلى موضوع قطاع الشمال وفك الإرتباط بين الفرقتين التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي الجنوبي بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإيقاف دعم الحركات المسلحة في الجبهة الثورية خاصةً أن الإتهامات لاحقتها بالتورط في إغتيال سلطان دينكا نقوك كوال دينق وما أعقبه من تداعيات سالبة على العلاقة بين الدولتين. موافقة الحكومة: وهاهي الحكومة السودانية كدأبها في مد حبال الصبر وإن كان للصبر حدود تعلن موافقتها مواصلة الحوار والتفاوض مع قطاع الشمال بخصوص قضايا المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق إيماناً وقناعةً بأن السلام لن يتجزأ ولن يتحقق في وجود بؤر للتوتر، وبهذا الموقف تكون الحكومة قد قذفت بالكرة في ملعب قطاع الشمال وسدت في وجهه كل منافذ المراوغة والتسويق رغم إعلانه في الأيام الماضية وقف العدائيات وإطلاق النار لمدة شهر ووفقاً لمجريات الأحداث الراهنة على الساحة الآن فلا مناص لقطاع الشمال من الرضوخ والقبول بمقترح التفاوض مع الحكومة، فهناك ضغوط دولية مكثفة على الدولتين بضرورة وضع حد لنزاعاتهما كافة وبتر كل أسباب الخلاف بينهما بما في ذلك قضايا المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، زد على ذلك الثورة التي أحدثها سلفاكير في طاقم حكومته بإقالته لكبار جنرالات الجيش الشعبي الأمر الذي أربك حسابات رجالات قطاع الشمال وأصابهم في مقتل وفقاً لتحليل الخبراء إضافةً الى إبعاد تعبان دينق والي ولاية الوحدة من منصبه، وولايته هي الولاية الحدودية المتاخمة لولاية جنوب كردفان الملتهبة من جراء تواجد الجيش الشعبي بها، أيضاً ساهمت تغييرات سلفا في كبح جماح وكسر شوكة المجموعة المتعنتة التي كانت تعرف بمجموعة أولاد قرنق وعلى رأسها كان يستند ياسر عرمان أمين قطاع الشمال والذي سبق أن وصف إتفاق الحكومة مع دولة الجنوب في أكتوبر المنصرم بالإتفاق الفاشل لأنه تجاوز أجندة قطاع الشمال وتجاهل حل خلافات القطاع مع الحكومة علماً بأن الحكومة رفضت في السابق الموافقة على رئاسة عرمان لوفد التفاوض مع قطاع الشمال. الوضع الراهن: متغيرات ومستجدات كثيرة تمخضت عن قمة البشير سلفا الأخيرة بالخرطوم والتي وصفت بالإيجابية من قبل الطرفين كما وصفت بالجيدة والمثمرة من قبل رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو امبيكي عقب لقائه بالرئيس البشير وسلفاكير وإطلاعه على مخرجات القمة والتي أكد أنها محاولة لتوحيد الجهود والرؤى ووضع ما أتفق عليه موضع التنفيذ، وفي خضم كل هذه التداعيات الجديدة التي تشهدها الساحة السياسية السودانية والجنوبية فقطعاً الخيارات أمام قطاع الشمال أصبحت ضئيلة وشبه محدودة و بحسب خبير إستراتيجي تحدث (للأهرام اليوم) ليس من الحكمة أن يتمترس قادة قطاع الشمال في موقفهم السابق فالأحداث المتسارعة والمتباينة الآن تجرفهم حتماً نحو الموافقة على الجلوس على مائدة التفاوض مع الحكومة السودانية ووضع حل نهائي لمشكلة المنطقتين خاصة وأن تقارب الخرطوم وجوبا سيعمل على سحب البساط من تحت أقدام القطاع. نقلا عن صحيفة الأهرام اليوم السودانية 8/9/2013م