أفاد مصدر دبلوماسي تركي في أنقرة، ان الاتحاد الأوروبي درج على ما وصفه بابتزاز متواصل يمارسه على تركيا لمجرد أن الأخيرة ظلت تطلب منذ سنوات الإنضمام إلى الاتحاد. وأضاف المصدر، ان طلب توقيف الرئيس السوداني المشير حال وصوله إلى مدينة أسطنبول بغرض المشاركة في قمة للمؤتمر الإسلامي – الإثنين – يقع ضمن (إبتزازات) الاتحاد الأوروبي لتركيا واستغلال أي ظرف، وأي معطيات لحمل أنقرة على إنفاذ ما يريده الاتحاد، ومضى المصدر في حديث لم يخل من مرارة أن تركيا ليست موقعة على ميثاق روما المنشئ لمحكمة الجنايات الدولية، كما أن مذكرة التوقيف الصادرة من هيئة قضاة المحكمة لم يتم دعمها – بقرار من مجلس الأمن – وهناك خلاف داخل المجلس وخاصة بين الدول الدائمة العضوية الخمس بشأن المذكرة وما اذا كان تنفيذها يساعد على تثبيت دعائم الأمن والسلم الدوليين أم أنه يفعل العكس! ودلّل المصدر الذي يتقلّد منصباً دبلوماسياً مرموقاً، ان الولاياتالمتحدة، وهي احدى أكبر الدول التي يتشكل منها مجلس الأمن لم تبد حماساً على الاطلاق لانفاذ مذكرة التوقيف، بل سعت ولا تزال تسعى الآن عبر موفدها الخاص إلى السودان لحل أزمة دارفور عن طريق التفاوض، ولو كانت حريصة على إنفاذ مذكرة التوقيف لسارعت بحث الدول الأعضاء في مجلس الأمن والدول الموقعة على ميثاق المحكمة لانفاذ المذكرة. وهكذا فإن أنقرة – وبصرف النظر عن الموقف الذي سيتخذه السودان بمشاركة الرئيس البشير في القمة الإسلامية من عدمها – سجّلت موقفها بوضوح، وقال ناطق باسمها ان أن أنقرة لو كان لديها النية للتعاون مع الجنائية الدولية لما أرسلت الدعوة للرئيس البشير بصورة رسمية لحضور القمة، وأضاف ان الرئيس البشير وافق بالفعل على الدعوة ومن ثم فإن الأمر بات مفروغاً منه. وتشير مصادر صحفية في أنقرة إلى أن الاتحاد الأوروبي تلقى مذكرة عاجلة من مدعي عام المحكمة الجنائية وصلت إلى مقره في بروكسل (سراً) قال فيها المدعي العام انه يتوجب على الاتحاد الأوروبي الذي ينظر في طلب انضمام تركيا إليه أن (يختبر) أنقرة في هذا الموقف، وما اذا كانت دولة متعاونة مع المجتمع الدولي أم لا!! ويعتقد خبراء قانونيون في مقر المحكمة بلاهاي ان المدعي العام للجنائية الدولية لم يتبق له سوى البحث عن مشاركات الرئيس السوداني الخارجية ثم البحث عن وسائل للضغط على العواصم التي يشارك فيها الرئيس البشير لإعتقاله. وتضيف أنباء مماثلة من مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ان الاتحاد الأوروبي سارع بالضغط على التركية (مستغلاً طلبها للانضمام اليه) ليضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، غير أن الجانب التركي – بحسب ذات المصادر – يرى أن الاتحاد الأوروبي نفسه لم يكن أميناً مع نفسه بانضمامه الى ميثاق الجنايات الدولية انضماماً مقترناً (بحصانات) منحها لأعضائه، ووضع عراقيل صعبة لخضوع بلدانه لقرارات المحكمة كما فعلت الولاياتالمتحدة من قبل حين استصدرت قراراً من مجلس الأمن باستثناء جنودها ومواطنيها من قرارات المحكمة. وفي الخرطوم لم تنف مصادر سياسية مطلعة قيام الرئيس البشير بالسفر الى تركيا طالما أنه تلقى الدعوة رسمياً ووافق عليها وأكدت المصادر ان تركيا قطعت للخرطوم أنه سواء حضر الرئيس البشير أم لم يحضر فإن موقفها المعلن هو موقفها الرسمي الذي يستحيل أن تتراجع عنه كونها ترعى الجانب الإسلامي فيها كدولة إسلامية وتوازن ما بين مصالحها في الساحة الإقليمية الإسلامية، وتطلعاتها للحاق بالاتحاد الأوروبي.