(خاص : سودان سفاري) تضاءلت الى حد التلاشي فرص القوى السياسية المعارضة، وبالتحديد قوى ملتقى جوبا في الحصول على تأجيل للإستحقاق الانتخابي الذي بدأ عدّه التنازلي ولم تعد تفصلنا عنه سوى أيام قلائل، فعلاوة على أن الولاياتالمتحدة كما شهدنا ورأينا ومعها الاتحاد الأوروبي أبدوا اهتماماً متعاظماً بضرورة قيام الإنتخابات في موعدها، وعدم وجود أسباب حقيقية تدعو للتأجيل وعلاوة على أن الحركة الشعبية، الطرف الرئيسي في العملية السلمية الشاملة وضعت خطأً أحمراً إزاء إمكانية تأجيل الإستفتاء والتي تحتم عملية تأجيل الانتخابات ضرورة تأجيله وكان واضحاً أن الحركة الشعبية ترفض – بصورة غير مباشرة – تأجيل الإنتخابات، علاوة على كل ذلك، فإن المؤتمر الشعبي، الذي يعتبر أحد مكونات ملتقى جوبا الفاعلين – اذا جاز الوصف – رفض رفضاً صريحاً وقاطعاً التوقيع على مذكرة قوى جوبا الداعية الى التأجيل. وما من شك أن موقف المؤتمر الشعبي هذا يزيد من إضعاف موقف هذه القوى ويبدد تماماً إمكانية نجاح مطلبها. ولعل من المهم أن نشير هنا الى أن اضطراب موقف قوى جوبا والقوى المعارضة، وفقدان موقفها هذا لأي إسناد داخلي أو اسناد خارجي هو في حد ذاته بمثابة هزيمة مبكرة لمرشحي هذه القوى واضعاف صنعته لنفسها وبنفسها لفرص فوزها. فقد تساءل العديد من الناخبين عن (حقيقة الأسباب) الكامنة وراء هذه المطالبة بالتأجيل، ولعلّنا وبنظرة عابرة للأسباب التي تمت صياغتها كمبررات للتأجيل تكفي لإقناع أي ناخب بأي مستوى ذهني كان الى أن هذه القوى إنما تتهرب فقط من الاستحقاق الانتخابي، لأن الحديث عن حل أزمة دارفور والحديث عن الاحصاء السكاني، والمناخ العام كلها أسباب واهية ولا تحتاج حتى لمن يتعرض لها بالتنفيذ والنقاش. ويكفي أن المؤتمر الشعبي المرتبط بشكل أو بآخر بحركة د. خليل، إقتنع بضرورة قيام الانتخابات في موعدها على الرغم من أن حركة خليل ظلت ولا تزال ترفض قيام الانتخابات في موعدها، وتتطلع لتأجيلها. وما من شك أن هذه المواقف المتباينة داخل قوى سياسية قالت انها متحالفة أو التقت على برنامج حد أدنى، تكشف عن عمق الهوة فيما بينها ومدى الكارثة التي ستقع اذا ما قدر لهذه القوى أن تصل الى السلطة وهي بهذا القدر من التنافر والتناقض وتقاطع المصالح، وهذا ما يجعل العديد من الناخبين يعيد استذكار التاريخ وينقب في سطوره القريبة والبعيدة ليدرك أن هذه القوى لم تتغير، ولم تتعلّم شيئاً لا من الماضي ولا من الحاضر، كما أن أهم ما يمكن استخلاصه من هذه المواقف أن الناخبين السودانيين باتوا على قناعة تامة من أن هؤلاء المتعبين سياسياً لن يحققوا له أمنياته ولن يحفظوا له تطلعاته، الأمر الذي يعيد التأكيد على أن الممارسة السياسية السودانية والأحزاب – بصورتها الراهنة – لن تكون في مستوى طموحات الناخبين ولن يجد الناخب خيارات عديدة، كما لن يحظى بممارسة سياسية معافاة، وجادة على المدى القريب.