* لا أحد يدري أين يصنف الحزبان التقليديان الكبيران نفسيهما من الأزمة الحالية، في خانة الحكومة.. أم في خانة المعارضة؟ * ظلت مواقف الحزب الاتحادي الأصل متأرجحةً ما بين رفض القرارات الاقتصادية الأخيرة وتأييدها، حتى بعد أن صرّح المؤتمر الوطني مؤكداً أن شركاءه في الحكومة وافقوا على الزيادات. * أما حزب الأمة فقد تحدث الرئيس في مؤتمره الصحافي مؤكداً أنهم توصلوا إلى اتفاقٍ كامل معه، ولم يتبق سوى التوقيع، ولم يصدر حزب الأمة أي نفيٍ لتصريحات البشير! * نشاهد الفضائية السودانية فنرى سعادة الفريق عبد الرحمن الصادق المهدي يمارس أنشطته الرسمية، ويتحدث بلسان الحكومة من واقع كونه مساعداً لرئيس الجمهورية! * ونفتح (العربية) و(سكاي نيوز) و(بي بي سي العربية) فنطالع السيدة مريم الصادق المهدي وشقيقتها رباح ترميان الحكومة بأقوى النعوت، وتتفننان في ذم المؤتمر الوطني بأقسى العبارات! * يجلس الإمام مع البشير في سقيفته بالملازمين، ويتوصل إلى اتفاقٍ كاملٍ معه، ثم يجلس بعدها مع قادة المعارضة، ويجتهد لتبني الاحتجاجات الأخيرة، ويسلق الحكومة ب"ألسنةٍ حداد!" * الاتحاديون شركاء (حتى لحظة كتابة هذه السطور) في الحكومة، لكن مواقفهم أخذت في التحول بعد أن تعددت أشكال الاحتجاج على رفع الدعم! * اشتعلت النيران في الشوارع فتحرك الحزب العتيد عدة خطواتٍ نحو المعارضة، من دون أن يتخلى عن شراكته مع المؤتمر الوطني، وشرع في مهاجمة الحكومة، قبل أن يخلي مقاعده فيها. * أصدرت الهيئة القيادية للحزب بياناً دعت فيه الحكومة (التي يشارك فيها الحزب بمساعد للرئيس ووزراء اتحاديين وولائيين ومناصب أخرى عدة) إلى إلغاء رفع الدعم عن المحروقات بزعم أنه يفاقم معاناة الشعب، ويمس الشرائح الضعيفة! * تحدث حزب (الحكومة والمعارضة) معلناً إدانته للعنف، ومساندته لحق التظاهر السلمي، وقال إن الفقراء يعانون من آثار الغلاء والتضخم، وذكر أن الضائقة الاقتصادية التي ترزح البلاد تحت ويلاتها سببتها السياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتبعتها (الحكومة)، وطالب بخفض وظائف الدستوريين، ومحاربة الجبايات والتجنيب، ومكافحة الفساد، وإلغاء الامتيازات الحكومية، ونادى بحظر نظام الحوافز المالية لشاغلي المناصب الدستورية، وإلغاء التوظيف بنظام العقود الخاصة، وطلب ترشيد استخدام الهواتف والمحروقات والكهرباء في أجهزة الدولة! * صدقنا وآمنا أن الحزب الاتحادي الأصل يقف مع الشعب، ويحمل همه ضد السلطة بطريقة (كرامر ضد كرامر)، لأنه يمثل جزءاً من الحكومة التي تمارس كل الموبقات التي تبرأ منها الحزب! * أسمع كلامك أصدقك، أشوف عمايلك أستعجب * طالما أن الحكومة تضيق على المواطنين، وتمارس السفه في إنفاق المال العام، وترتكب جرائر التجنيب، وتحمي الفساد، وتصرف على مسؤوليها بنهجٍ لا يتناسب مع واقعها، وتثقل به على كاهل الفقراء والمساكين والمكتوين بنيران الغلاء والتضخم كما تزعمون، فلماذا تشاركون فيها؟ * لِم لَم تبادروا بانتقادها وتغسلوا أيديكم منها قبل أن يحدث الاحتجاج على رفع الدعم؟ * لماذا لم يفض الحزب شراكته مع المؤتمر الوطني طالما أن الحكومة التي تجمعه به تعاني الفساد والترهل، وتعذب المواطنين بالصرف البذخي على الدستوريين وتمارس كل أنواع السفه المالي؟ * هل تخلى السيد جعفر الميرغني (مساعد رئيس الجمهورية) ووزراء الحزب الاتحادي ومسؤولوه في المركز والولايات عن مخصصاتهم لصالح الفقراء والمساكين، وهل تقدموا باستقالاتهم من الحكومة التي رماها الحزب بكل بدع الدنيا؟ * أين يقف الحزبان الكبيران حالياً؟ * خبرونا بالله عليكم، واجعلونا على بينة من مواقفكم. * حكومة إنتو وللا معارضة؟ نقلاً عن صحيفة اليوم التالي