والي الخرطوم يدشن أعمال إعادة تأهيل مقار واجهزة الإدارة العامة للدفاع المدني    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    مصطفى بركات: 3 ساعات على تيك توك تعادل مرتب أستاذ جامعي في 6 سنوات    تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    مصالح الشعب السوداني.. يا لشقاء المصطلحات!    تايسون يصنف أعظم 5 ملاكمين في التاريخ    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
نشر في سودان سفاري يوم 31 - 12 - 2013

كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
المصدر: الخليج 31/12/2013م
عام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 31/12/2013
كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/61f77f85-bcdd-40f8-b920-543dd0b252c9#sthash.lvJENHl4.dpufعام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 31/12/2013
كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/61f77f85-bcdd-40f8-b920-543dd0b252c9#sthash.lvJENHl4.dpuf
عام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 31/12/2013
كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/61f77f85-bcdd-40f8-b920-543dd0b252c9#sthash.lvJENHl4.dpuf


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.