الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
نشر في سودان سفاري يوم 31 - 12 - 2013

كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
المصدر: الخليج 31/12/2013م
عام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 31/12/2013
كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/61f77f85-bcdd-40f8-b920-543dd0b252c9#sthash.lvJENHl4.dpufعام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 31/12/2013
كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/61f77f85-bcdd-40f8-b920-543dd0b252c9#sthash.lvJENHl4.dpuf
عام التحولات المصيرية في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 31/12/2013
كان العام الذي ينصرم أمامنا عصيباً على منطقتنا بكل المعايير . فقد انزلقت مصر، أم العرب، إلى أتون حرب إرهابية، لم تعرفها في تاريخها، تُشن على جيشها الوطني الذي حمى ورعى ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 . وفي لبنان لم يعد السؤال "هل تصل نار الحرب السورية إليه" مطروحاً، إذ إنه أضحى ساحةً من ساحاتها من خلال التفجيرات الإرهابية وعمليات الاغتيال، والأخطر ظاهرة العمليات الانتحارية التي تهدد بعرقنته . ففي العراق باتت مثل هذه التفجيرات والعمليات جزءاً من الحياة اليومية البائسة فيه . وليبيا بدورها تتجه حثيثاً صوب التشرذم على خلفية إرهاب ميليشيوي يتخذ، هو الآخر، من الجيش حديث الولادة هدفاً يرمي إلى القضاء على مشروع بناء الدولة الواحدة . ودخلت تركيا الأردوغانية في أزمة سياسية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، قد تطيح النموذج نفسه الذي يفاخر به حزب العدالة والتنمية . أما سوريا فقد شهدت تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وصل إلى حد استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه في حين برهنت بعض فصائل المعارضة التكفيرية عن همجية ووحشية نادرتين . ولكن رغم هذا المشهد القاتم ثمة إشارات ظهرت في هذا العام تشي برغبة دولية وإقليمية في التحرك صوب تسويات قد يشهدها العام المقبل، ذلك أن الأوضاع بلغت من الخطورة على الأمن والسلم الدوليين حداً أقنع الدول الكبرى بضرورة البحث عن مثل هذه التسويات، في ظل استحقاقات خطرة ستشهدها المنطقة .
من هذه الاستحقاقات الاستفتاء على الدستور المصري تمهيداً للانتخابات الرئاسية . فإذا تجاوزت مصر هذين الاستحقاقين، بأثمان يمكن تحملها، تكون قد نجحت في فرض خريطة الطريق والعودة التدريجية إلى مركزها المؤثر ودورها العربي القيادي . وإلا فإن المجهول ما ينتظرها مع تداعياته على المنطقة نظراً لأهمية مصر الجيوبوليتيكية والاستراتيجية .
لبنان الذي أمضى العام 2013 تقريباً من دون حكومة، والذي يعيش انقساماً داخلياً هو الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية في العام ،1990 ينتظر استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي ينتهي في مايو/أيار المقبل وبعده الانتخابات النيابية . وعليه بالضرورة تشكيل حكومة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، وإلا فالفراغ الدستوري الذي يدخل معه البلد في مجهول تداعيات الأزمة السورية، وهو مجهول ينسحب على الأمن والمالية العامة والاقتصاد، بل على وجود البلد ووحدته . ولا ننسى المحكمة الدولية التي ستبدأ جلساتها العلنية في الشهر المقبل والتي سيكون لها أصداء عنيفة في الداخل اللبناني المنقسم حولها .
في الشهر المقبل هناك استحقاق مصيري متعلق ليس بالأزمة السورية فقط، ولكن بكل الأزمات المرتبطة بها وهو مؤتمر "جنيف-2" الذي إذا انعقد في موعده سيكون مؤشراً إيجابياً وخطوة على طريق الحلحلة رغم استحالة توصله إلى حل نهائي للأزمة . فإذا تأجل، فهذا مؤشر خطر إلى ابتعاد أفق الحل وإلى استمرار الصراع العسكري بأبشع مظاهره، مع استفحال أزمة اللاجئين السوريين وتأثيرها في دول الجوار . وفي الربيع المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي، فإذا أصرّ الرئيس الأسد على الترشح، مدعوماً من روسيا وإيران، مع العلم باستحالة إجراء الانتخابات خارج بعض الأحياء الدمشقية، فهذا دليل على أن النفق السوري سيكون طويلاً . وربما يتوصل الأمريكيون والروس، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة حل لهذا الاستحقاق فيضغطون على حلفائهم للقبول بها، ما قد يشكل منعطفاً إيجابياً يقود إلى مخرج من هذا النفق . ربما تكون هذه الصيغة تطبيق اتفاق "جنيف-1" القاضي بتشكيل حكومة انتقالية مع صلاحيات كاملة ولفترة محدودة وتأجيل الانتخابات الرئاسية ريثما تسمح الظروف الأمنية .
في العراق أيضاً هناك انتخابات يتوقف عليها مصير رئيس الوزراء نوري المالكي الذي إذا أصرّ على البقاء في رئاسة الحكومة، فإن الوضع الأمني القائم سوف يستمر مع أزمة سياسية لا حلّ لها، وإذا نجح العراقيون في تشكيل حكومة جديدة من دونه، فقد تنفتح أبواب الأمل بحلول تدريجية للأزمة العراقية المفتوحة منذ الغزو الأمريكي له .
أما الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، فإنه يخضع لامتحان في الأشهر القليلة المقبلة، فإما أن يتحول إلى اتفاق نهائي، وإما أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء . الحالة الأولى تساعد على حلحلة أزمات العراق وسوريا ولبنان مع العلاقة الإيرانية السعودية، في حين أن الحالة الثانية تسهم في دفع المنطقة إلى المزيد من التأزم وربما الانفجار الكامل .
وينبغي ألا ننسى المفاوضات "الإسرائيلية" الفلسطينية التي هناك من يبشر بأنها سوف تنتهي ب"شيء ما"
هو اتفاق- إطار أي نوع من "أوسلو-2" يمنع أو يؤجل انفجار انتفاضة ثالثة ويمنح "إسرائيل" المزيد من الوقت لقضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإما يكون سبباً في انفجار الوضع الفلسطيني . إنه استحقاق مهم هو الآخر تقبل عليه المنطقة في الربع الأول من العام 2014 .
أقل ما يقال في العام الجديد، لاسيما في نصفه الأول، إنه سيدفع المنطقة العربية في أحد الاتجاهين: الانفراج أو الانفجار .
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/61f77f85-bcdd-40f8-b920-543dd0b252c9#sthash.lvJENHl4.dpuf


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.