مهمة صعبة تنتظر الرئيس البشير في دولة جنوب السودان والتي تشهد أعنف صراعتها منذ انفصالها عن الدولة الأم، مجهودات إقليمية ودولية عديدة كلها تصب في نهر واحد لإطفاء نيران القتال الذي تمدد في الدولة الوليدة، إلا أن المهمة الأصعب للوسطاء تتجسد في إقناع الطرفين بوقف إطلاق النار الفوري لإبداء حسن النية علي طاولات التفاوض بأديس وتأكيد الرغبة الحقيقة في الوصول إلي تسوية سياسية تعيد الحياة إلي الشارع الجنوبي المتوتر. نشطت تحركات الوسطاء لوضع حد لحرب الجنوب وآخرها زيارة الرئيس البشير المفاجئة إلي جوبا في محاولة "لوضع الحصان أمام عربة السلام المفقود"، وكأنها رد علي التساؤلات والاتهامات الأخيرة من قبل المراقبين التي شككت في مواقف السودان تجاه أحداث الجنوب، وأنه بمثابة المتفرج واكتفي فقط بالمجهود الذي يلعبه من خلال مجموعة الإيقاد من خلال ممثلة الفريق محمد أحمد مصطفي الدابي، ولكن يبقي المحك الحقيقي إقناع الطرفين بوقف إطلاق النار الفوري والذي يمثل حجر عثرة في سبيل الوصول إلي تسوية رغم إعلان حكومة جنوب السودان موافقتها علي إعلان وقف إطلاق النار وإيقاف القتال ضد المجموعات المنشقة التابعة لرياك مشار النائب السابق لرئيس الجنوب، إلا أن أقف السلام ما يزال مسدوداً، خاصة وأن رد مشار أتي محبطاً لجهود الوسطاء بقوله "إن الشروط اللازمة للالتزام بهدنة في جنوب السودان لم تتحقق بعد"، وجدد مشار دعوته لإطلاق سراح "11" قيادياً بالحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان جري اعتقالهم بتهمة التدبير لانقلاب عسكري كشرط أساسي للدخول في أي حوار مع خصمه سلفاكير ميارديت رئيس جنوب السودان . وقال يوهانس موسيس فوك، المتحدث باسم مجموعة مشار في مفاوضات أديس أبابا، في تصريحات ل"لشرق الأوسط" إن رئيسي وفدي التفاوض دخلا في جلسة مباحثات مباشرة ومغلقة بحضور الوساطة أمس، وأوضح أن الجلسة تركزت حول ترتيبات وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في جوبا. وقال فوك إن فريق تفاوضه تقدم بشكوى إلي وسطاء الإيقاد حول التصريحات التي وصفها بالسلبية من قبل وزير الإعلان في جنوب السودان، حول رفض حكومته إطلاق سراح المعتقلين، وأضاف أن "هذه القضايا يجري بحثها علي طاولة المفاوضات، وليس عبر الإعلام"، وأشار إلي أن واشنطن طلبت من مشار عدم التقدم نحو جوبا، وأن عليه أن يعمل علي إنجاح المفاوضات مع الحكومة، إلا أنه قال لكننا سنواصل التفاوض حتي في حال سقوط جوبا علي يد قواتنا، لأننا نريد السلام. ويشير تضارب المواقف حول وقف إطلاق النار إلي الصعوبة الكبيرة التي تواجه الوسطاء الإقليميين والدوليين الذين يسعون إلي نزع فتيل الأزمة في جنوب السودان، وهو أمر من شأنه إبطاء جهود السلام في الوقت الراهن وفقاً لمحللين سودانيين. من جانبه وجه رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وزير العدل بتسريح الإجراءات المتعلقة بإطلاق سراح "باقان أموم" أحد القيادات الانقلابية المعتقلة، وذلك وفق ما ينص عليه دستور البلاد . نقلا عن صحيفة التغيير 7/1/2014م