حرب جنوب السودان الداخلية التي دخلت الآن أسبوعها الرابع أعطاها الإعلام العالمي ما تستحق من أضواء ساعة اندلاعها وحتي أسبوعها الثاني، ثم بدأ ينسحب عنها وتراجعت أسهمها في بورصة الأخبار بصورة تدريجية. ففي الوقت الذي يشتد فيه أوراها وتتعثر مفاوضاتها.. فمع بداية الأسبوع الرابع دخلت قوات سلفاكير بانتيو واتجهت نحو بور بينما اتجهت قوات مشار نحو ملكالوجوبا وقد أصبحت المواطنون زراقات ووحدانا، ووصل كثير منهم الرنك التي تبعد عنها حوالي مائتي كيلومتر، مما يشي بأن (موسم الهجرة إلي الشمال) قد بدأ؛ في ذات الوقت توقفت المفاوضات في أديس، وأصبحت التغطية الخبرية للحرب في ذيل النشرات غير الرئيسية في القنوات العالمية. فالسؤال هنا: لماذا اهتم العالم ببداية هذه الحرب ثم أضرب عن الاهتمام بها بعد اشتدادها؟ هل لأن دولة الجنوب قليلة الأهمية استراتيجياً وسياسياً؟ هل سوف تصبح هذه الحرب حرباً منسبة مثل تيمور الشرقية؟ حاجة تحير. من محيرات هذه الحرب، الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس سلفاكير أمام إطلاق سراح المعتقلين بالتحديد باقان أموم ودينق ألور وكوستا مانيمبي، وفي نفس الوقت إصرار رياك مشار علي عدم التفاوض إلا إذا أطلق سراحهم، وكأنما وفده المفاوض بقيادة تعبان دينق قد ذهب إلي أديس ليس لإيقاف الحرب، إنما لإطلاق سراح المعتقلين. هل إبقاء ثلاثة أشخاص في الحبس يبرر ذهاب آلاف الأنفس إلي الآخرة؟ أغرب ما في الأمر أنه عندما تكاثرت الضغوط الخارجية علي سلفا اقترح أن تنقل المفاوضات إلي جوبا لكي يشترك فيها المعتقلون، ثم يعودون بعد نهاية الجلسات إلي زنازينهم!. هل تخوف سلفا منهم يرجع إلي أنهم قادة ميدانيون أم لمكانتهم الدولية؟ وهل إصرار مشار علي إطلاق سراحهم القصد منه إحراج سلفا أم أنه في حاجة حقيقية لهم لتعزيز وضعه العسكري والسياسي؟ حاجة تحير. ومن غرائب أخبار حرب الجنوب أن طرفي التفاوض في أديس قد اتفقا لأول مرة علي إيقاف المفاوضات، لأن السلطات الإثيوبية أرمتهم بإخلاء قاعة التفاوض إلي ملهي ليلي شهير، بحجة أن لديها- لدي إثيوبيا – مفاوضات مهمة تتعلق بالطاقة الكهربائية مع وفد ياباني رفيع المستوي (ياربي يكون دا سد النهضة)، قال المفاوضون الجنوبيون إن المكان الذي نقلوا إليه مزعج جداً. وهنا تتري الأسئلة: هل من قلة الفنادق الفخمة في أديس؟ هل سئمت إثيوبيا من جرجرة المتفاوضين: أيهما أكثر إزعاجاً غناء استرا أم لعلعة الرصاص في مدن الجنوب؟ حاجة تحير!. أما آخر الأخبار، وهذا المقال قيد النشر، أن الرئيس سلفاكير لديه خطاب مهم للأمة الجنوبية اليوم الأربعاء، فالسؤال: هل سوف يعلن سيادته العفو العام عن المعتقلين والذين حملوا السلاح وينطلق التفاوض من أديس أو غيرها؟ أم أنه سيطلق عدداً من اللاءات مثل: لا لإطلاق سراح المعتقلين، ولا للتفاوض، ولا لإيقاف إطلاق النار حتي آخر متمرد عليه؟ أم سوف يتخذ موقفاً بين بين؟ حاجة تحير!. نقلا عن صحيفة السوداني 16/1/2014م