على خلفية الصراع الدائر بدولة جنوب السودان منذ ديسمبر الماضي قررت الهيئة الحكومية للتنمية «إيقاد» قمة طارئة مقرر انعقادها في جوبا الخميس في محاولة للخروج بعملية التفاوض بين حكومة دولة الجنوب ومعارضيها من تحالف رياك مشار النائب السابق للرئيس سلفا كير من الطريق المسدود الذي وصل إليه التفاوض عقب تمسك كلٍّ من الطرفين بموقفه، وفي خطوة مفاجئة ومن دون أن توضح الأسباب قال مدير عام العلاقات الثنائية والإقليمية بوزرة الخارجية عبد المحمود عبد الحليم إن الحكومة تلقت إخطارًا من الهيئة الحكومية للتنمية إيقاد بإلغاء القمة الطارئة دون الإفصاح عن أسباب واضحة، في وقت أثار فيه التدخل العسكري اليوغندي حفيظة المتمردين الذين وضعوا خروج القوات اليوغندية من البلاد شرطاً ثانياً للموافقة على وقف إطلاق النار بعد شرطهم المسبق بالإفراج عن المعتقلين في الأحداث. وكشفت مصادر جنوبية مقربة ل «الإنتباهة» أن إصرار يوغندا على الحسم العسكري للخلافات بين سلفا كير ونائبه مشار تسبب في إلغاء القمة الطارئة وكشف المصدر أن سبب الألغاء منع مزيد من التصعيد العسكري بالجنوب والتخوف من الفشل المبكر لجهود الإيقاد في إنهاء الأزمة وتابع قائلاً: إن يوغندا رفضت عقد القمة لأنها تعول على الحسم العسكري وكانت قد نشرت قواتها في الجنوب منذ اندلاع الحرب من أجل المساعدة في إجلاء المواطنين الأوغنديين من البلد الذي يشهد اشتباكات عنيفة كما أنها أقرت لاحقاً بالتدخل في الصراع وتحرير قواتها لعاصمة ولاية جونقلي «بور» من قبضة المتمردين والخروج بنتائج قد تقود إما إلى إطلاق سراحهم أو أن يكونوا تحت إشراف الإيقاد أو أي مقترحات أخرى توفق بين الإجراءات القانونية وبين إشراكهم في التفاوض المباشر، وقبل ذلك التمهيد لاتفاق على وقف العدائيات، ذلك بناء على نتائج تلك اللقاءات، وعكف الوسطاء بأديس أبابا وفقاً لمعلومات على محاولة التوفيق بين مواقف الطرفين حول ثلاث مسودات الأولى منها حول وقف العدائيات، حيث كان هنالك اتفاق من قبل الطرفين على كل فقرات المسودة عدا خلافهما حول فقرة خاصة بالحلفاء الأجانب «القوات اليوغندية، قوات حركة العدل والمساواة»، والخلاف هو هل تتم تسميتهم حلفاء أجانب أم حلفاء فقط، هذا بجانب المسودة الثالثة وهي مسودة حول المساعدات الإنسانية وإيصالها للمتأثرين. والدخول في تفاوض مباشر بين كل الأطراف حيث يرى مراقبون أن تحريك المفاوضات الجارية في إثيوبيا والتدخلات الأجنبية بعد اعتراف الجيش اليوغندي بضلوعه في القتال بيد أن القمة كانت ستحاول التوفيق بين طرفي الصراع بدولة الجنوب ربما لأن السودان معني أكثر من أي دولة فضلاً عن موقفه الرافض للتدخلات الأجنبية خاصة اليوغندية في جنوب السودان، وأشاروا أن القمة كانت ستأتي مواصلة للقمة السابقة التي عُقدت في نيروبي الشهر الماضي والخاصة بمناقشة الأوضاع في الجنوب للوقوف على المساعي المبذولة من وسطاء الإيقاد للتوصل إلى حلول سلمية ترضي الفرقاء لعودة الأمن والاستقرار إلى الدولة الجارة أتاح للمراقبين هنا مساحة للتوقع بإمكانية تورط يوغندا في الأزمة الجنوبية حين اعتبروا أن القمة لا تُعقد إلا بموافقة جميع دول الإيقاد ويوغندا واحدة منها وبرفضها انعقاد القمة هذا ما يؤكد نوايا يوغندا ومطامعها في الجنوب بينما لم يستبعد توافق الخطوة مع رغبة المجتمع الدولي في إلغاء القمة أيضًا. وفي ذات السياق أفاد المحلل السياسي البروفسير حسن الساعوري «الإنتباهة» بأن أهمية الأمر وما آل إليه الوضع بالجنوب هو ما دعا إلى عقد قمة طارئة للنظر في قضية الحرب الدائرة في الجنوب بين طرفي النزاع وإنذار كل منهما بضروورة وقف العدائيات وقبول التفاوض والاحتكام إلى صوت العقل والمنطق وهذا ما لا تريده لأنها تفضل التدخل العسكري والتصعيد الدولي بالجنوب، وتوقع الساعوري في حالة إلغاء القمة الطارئة بجوبا واستحالة الوصول إلى حلول سلمية ترضي طرفي النزاع بين مآربها حتمًا يتم تصعيد الموقف إلى مجلس الأمن الدولي وحينها سيتخذ الأخير القرار المناسب وفي الغالب سيكون التدخل العسكري بواسطة الاتحاد الإفريقي إضافة إلى مسألة تأمين حقول البترول التي أخذت حيزاً كبيراً من المباحثات بين رئيسي الدولتين مشيراً إلى النقاشات المسبقة التي دارت بين البشير وسلفا كير بشأن القوة العسكرية المشتركة لحماية حقول النفط واعتبر الساعوري موقف السودان المؤازر والمعاضد لدولة الجنوب بحكم علاقة الجوار والروابط الأزلية والدعوة للاستقرار بدولة الجنوب وما يجري في جوبا قد يشي بإمكانية السودان ومقدرته على لعب دور إيجابي لمعالجة وإدارة الأزمة في الجنوب، وبرهن أيضًا على العفو عند المقدرة وعفا الله عمَّا سلف مقارنة بالموقف الجنوبي في أوقات سابقة، وأشار أن الدولتين لديهما علاقات ومصالح مشتركة تتعرض لأضرار من مجموعات خارجة على الحكومة ولا سيما النفط الذي سيقع ضرره على عاتق الدولتين معاً، وأكد أن السودان عضو في مجموعة الإيقاد الذي يعمل للمساهمة في معالجة أي خروج على سلطة أي دولة عضو آخر. وقال إن السودان يستطيع إحداث اختراق في أزمة الجنوب لكن ما جرى يشي بإمكانية تدخل عسكري قد يترتب عليه كثير من التعقيدات بالمنطقة خاصة لو فشلت القمة في إحراز تقدم أو تقارب بين وجهات نظر الفرقاء الجنوبيين. نقلا عن صحيفة الانتباهة 23/1/2014م