لعل القارئ الكريم يذكر جيداً أنني كنت قد تناولت فى الحلقة الماضية تساؤلات عدة حول انعقاد المؤتمر الاستعراضي المناط به تقييم أداء المحكمة الجنائية الدلوية خلال الفترة المنصرمة بعد تأسيسها فى العام 2003 .و إذا كان المؤتمر المعني هو حكر على الدول الاطراف فأن أمر مشاركة الدول غير الاطراف يقتضي موازنات عدة من قبل تلك الدول ،و هو أمر يتوقف على مدي الاسباب التي جعلت تلك الدول غير الاطراف الصد و الرفض عن الانضمام للنظام الاساس للمحكمة، و إذا كانت بعض الدول كانت قد شيدت رفضها على رفض الفكرة بصفة عامة ، فان تلك الدول تختلف عن دول اخري كان رفضها لأسباب اخري منها ما يتعلق بقانونية المحكمة و ضعف نظامها الاساس إزاء تلبية رغبات الشعوب و الدول ؛ و إذا كان مبدأ الرفض قد بني عند دول اخري لأسباب عدم الثقة و الخصومة الابدية بينها و بين الدول الغربية ، حتى صار كل نابع من هناك هو أمر يبدد الثقة و يثير الشكوك و يبعث على المخاوف ، و لكن تجربة المحكمة خلال الفترة المنصرمة من شأنها ان تضيف أكثر الى الرافضين لفكرتها و الى المستنكرين للعديد من مواد نظامها الاساسي ،و يستند ذلك الى ان المؤيدين لتلك المحكمة كانوا خلال فترة السنوات السبعة الماضية قد اضمحل عددهم و كثرت الاحتجاجات عقب كل ممارسة و تطبيق مارسته أو طبقته المحكمة ،و هذه أعداد كادت تكون خارج دائرة الاحصاء لأنها لم تعلن رسمياً إنسحابها من المحكمة و في الذهن أنه نتيجة لقناعة القائمين على امرالمحكمة ربما بأحقية بعض الدول الاطراف التى أبدت عدم الرضا عن مسار المحكمة ، و لعل المراقبين يذكرون أنه إزاء الشعور بتلك (الململة) من بعض الدول الاطراف ذات الصوت العالي فقد نشطت ادارت المحكمة على مختلف تخصصاتها العام الماضي ، نشطت فى حملات للترويج للمحكمة شملت العديد من دول العالم بمشاركة رئيس المحكمة و المسجل و جهاز المدعي العامم على وجه الخصوص الذين حاولوا توضيح بعض الحقائق ،و مضي أولئك القائمين على امر المحكمة الى اكثر من ذلك حين عمدوا الى استقطاب بعض الدول الضعيفة و إظهارها فى مظهر الدول التى انضمت حديثاً . لقد بدا عجزالمحكمة واضحاً إزاء تعسرها فى التعامل مع العديد من الدول الاطراف التى صدت كل طلبات التعاون التى وجتها اليها المحكمة فيما يشبه مظاهر(الاضراب) ، أو الاحتجاج الصامت ،و هو الأمر الذى دفع بمسجل المحكمة الى إعلانها صراحة من خلال منتدي للتنوير الدبلوماسي كان قد انعقد فى بلجيكيا فى مايو 2009 . أن المحكمة قد فشلت تماماً فى تحريك بعض الدول الاطراف و الذين بعثت اليهم المحكمة 23طلباً للتعاون معها لم تجد أية استجابة او مجرد الرد عليها ، و لعل المسجل قد ذكر تلك العبارة المهمة فى إطار تأكيده على عدم مقدرة المحكمة فى اثبات وجودها ، و هوالأمر الذى سوف يظل العنوان الرئيس عند انعقاد اجتماع المؤتمر الاستعراضي فى كمبالا ... نواصل نقلا عن اخبار اليوم 28/3/2010