تناولت في مقال سابق واقع الحال فيما يلي العلاقات السودانية المصرية وناديت بضرورة وأهمية تنقية الأجواء وترتيب الأمور التي قد تكون من مسببات "العكننة" في هذه العلاقات لمصلحة الشعبين، وناديت وما زلت أنادي بأن تؤسس وتنمو هذه العلاقة الأزلية علي أساس المصلحة المشتركة ومبدأ الند للند "والحساب ولد" وهذا هو السبيل الفعال لتحقيق مصلحة الطرفين وكل الأطراف ذات الصلة.. ونحن أهل شعار "أكلو أخوان واتحسابوا رجال".. وسنظل نعزف علي هذا الوتر وندق الصخر حتي يفجر "قمحاً وتبراً" لمصلحة شعبين يجمع بينهما أكثر مما يفرق ... نعود لنتفاكر للخروج من هذا النفق الضيق الذي يضعنا فيه السياسيون والإعلام من الاعتذار للأخوة والأخوات في تلك الدوائر.. قد يسأل عن وما المناسبة؟.. شهد الأسبوع الماضي افتتاح معبر "أشكيت" في الحدود بين البلدين في محلية حلفا "الفداية" التي كانت وما زالت فيها أحلامنا ومنانا كما تغني فنان عموم السودان "عليه الرحمة".. وكنا عبرنا في مقال سابق عن عدم الرضا بالسلحفائية التي لازمت افتتاح هذا الطريق ونتمنى أن نر افتتاح الطريق الغربي قريباً الأخ والي الشمالية وأركان حربه كما نقله التلفزيون القومي. وكان من المتوقع – علي الأقل حسب العرف – أن يحضر الافتتاح مسؤول في نفس المستوي من الجانب المصري ولكنه لم يحدث!!!. ونرجوا أن يصب "فتح البوابة" في مصلحة البلدين، ونتمنى أن نري الطريق الغربي" دنقلا – الأقصر" جاهزاً لخدمة وتنمية وتطوير العلاقة السودانية المصرية قريباً.. ولقد حان الوقت لوضع مسألة العلاقات السودانية المصرية "علي الطاولة" ومناقشتها بين البلدين تحت الشمس لأننا نحن – شعوب البلدين – قد سئمنا من هذه "الحدوتة".. ولا يمكن أن تتطور هذه العلاقة ما لم توضع الكروت كلها علي الطاولة بمبدأ "الحساب ولد" مع تحديد المصالح المتبادلة ودور كل بلد في تغذية وتقوية هذه المصالح .. ليس من المنطق أن نتحدث "وندشن" بوابة أشكيت التي تربط البلدين" الشقيقين" دون ذكر الأسباب التي أدت إلي تأخير هذه المناسبة وكيف تمت معالجتها بما فيها الخلاف القديم في نتوء "أشكيت" وهي قصة لا تتطلب الخلاف والاختلاف ألا أن الأمور تدار وتعالج بالمنطق وباستعداد واقتناع الأطراف المعنية بأهمية وضرورة ربط البلدين بالطريق "المسفلت" خاصة وقد أكمل الجانب السوداني وبامتياز كل ما يليه في إعداد الطريق منذ ما يقرب العامين.. لقد كان السودان "دائماً" حريصاً علي مراعاة المصالح المصرية لما لها من مواقف كثيرة في صالح البلدين الشقيقين؛ ومن جانبنا فقد تنازلنا عن حوالي نصف التعويضات المقررة سلفاً "في حدود 35 مليون جنيه واكتفينا بأقل من النصف" كتعويض للأهل في المنطقة التي تأثرت بمياه السد مراعاة لظروف الأشقاء وتخفيف للعبء عليهم ولأن مصر والسودان "حتة واحدة" أصلاً.. وكانت تضحياتنا كبيرة من أجل مصر الشقيقة.. هذا فيما يلي حدودنا الشمالية.. ونذهب شرقاً.. إلي حلايب الحدوتة القديمة والقصة التي يدرك كل محاول "الصباح" ويسكت عن الكلام دون وضع النقاط علي الحروف وما يدور هناك لا يتناسق ولا يتناسب مع واقع الحال بل يصب سلباً في أمر العلاقة بين البلدين علي ضوء المستجدات في حدودنا الشرقية – منطقة حلايب وشلاتين – مع الشقيقة مصر.. إن ما يجري هناك لا يتناسق ولا يتناسب مع واقع الحال وقد يكون مصدر ومكمن التأثيرات السلبية في العلاقة بين البلدين بما نري مما يحدث في حدودنا الشرقية – منطقة حلايب وشلاتين – من جانب الشقيقة مصر والمواقف التي اتخذتها من جانب واحد في الفترة الأخيرة مع الأخذ في الاعتبار أن وفداً رفيعاً من الأخوة من مصر كان بالخرطوم الأسبوع الماضي لعمل "الترتيبات" اللازمة لتنمية لتعاون الاقتصادي بين البلدين فيما عرف باجتماعات أو لقاءات المنتدى السوداني المصري الذي أعلن فيه رئيس الوفد المصري "نحن نصدر ونستورد من السودان" ما يعني قوة ومتانة العلاقة تزامنا مع تصريحات أخري لبعض الإخوة المسوؤلين في القاهرة تقول بأن مسألة حلايب وشلاتين والمنطقة هناك ليست قابلة لوضعها علي طاولة المفاوضات أو بمعني آخر الأمر كله حسم من جانب واحد بأن هذا الإقليم أصبح جزءاً من الأراضي المصرية بقرار أحادي من الأشقاء في شمال الوادي إلا أن الواقع والتاريخ يقول أن منطقة حلايب جزء من السودان وهذه ليست من الأمور التي يتساوم فيها.. أما أن تتم تسويات بين البلدين في شأنها فهذا أمر آخر إذا ثبت أنها تصب في مصلحة البلدين.. وكلما تعامل الطرفان بالجدية والمنطق كلما كان الحل أيسر ومقبولاً عند أهل الشأن وهم أهل المنطقة والشعب السوداني مع الأخذ في الاعتبار بأنه لا يمكن أن ينكر أو يقلل أي مواطن سوداني أهمية التعاون بين البلدين وما قامت به مصر نحو السودان في مختلف المجالات منذ محمد علي باشا وفترة الحكم الإنجليزي المصري "الحكم الثنائي" وفي كل الفترات التي تعاقبت علي السودان منذ الاستقلال كانت مصر وستظل الأم الرؤوم والصدر الحنون لنا هنا في السودان ولضمان استمرارية هذه العلاقات الخاصة لابد من إبعاد كل الشوائب والمواقف التي قد تعكر صفو هذه العلاقة"بحميميتها" المعروفة .. وبضمان وضوح الرؤيا في إطار المحافظة علي أصول اللعبة يمكننا أن نصل الي النتائج المقبولة غير ما نري علي أرض الواقع .. وبالله التوفيق وهو الهادي إلي السبيل. نقلا عن صحيفة التغيير 24/3/2014م