قال د. محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن الإسلام هو الذي حفز على النظر والتعقل والتفكر والتدبر في كل أنحاء الخلق والملكوت، بما في ذلك الواقع والتجريب فيه. وأضاف د. عمارة في مقاله الأخير بمجلة الأزهر الصادرة اليوم( خطأ التاريخية وخطرها ) أنه إذا كانت حاكمية اللاهوت الكنسي الأوروبي قد دفعت أوروبا إلى عصور الجهالة والظلمات ، فإن سيادة حاكمية النص الديني الاسلامي هي التي حفزت المسلمين إلى إحياء المواريث الحضارية القديمة، وإلى تطويرها والابداع في الاضافة اليها والبناء عليها، على النحو الذي جعل الحضارة الاسلامية المنارة التي تفردت بإنارة الدنيا لأكثر من 10 قرون، كانت فيها الأمة الاسلامية " العالم الأول" على ظهر هذه الأرض طوال تلك القرون. وانتقد د. عمارة أشهر 3 مفكرين دعوا إلى علمانية الاسلام، وأولهم: محمد سعيد العشماوي الذي قال بتاريخية القرآن التشريعي، واتهمه عمارة بأنه ينسخ كل دين الاسلام بهذه المقولة، ساخرا من قول العشماوي إن الواقع هو صانع الشريعة وليس الوحي والتنزيل السماوي. أما النموذج الثاني الذي أورده د. عمارة من الداعين إلى القول بتاريخية الدين الاسلامي فهو د. حسن حنفي الذي كانت مهمته الملحّة هي القطيعة مع الإلهيات والقطيعة مع عقيدة الوحي، وإحلال الإنسيات محلها" أي أنسنة الله والدين ومن ثم الحضارة . وانتقد د. عمارة دعوة القطيعة المعرفية الكبرى والحادة مع الله والدين والنبوة والرسالة في مشروع حنفي الفكري الحداثي التنويري العلماني، حيث تحل الطبيعة محل الدين . النموذج الثالث الذي انتقده د. عمارة هو د. نصر حامد أبو زيد الذي حكم بالتاريخية على كل القرآن الكريم بكل ما فيه من عقائد وشرائع وقيم وأخلاق، لأن هذا القرآن – حسب نصر أبو زيد – نص بشريتكوّن في الواقع ومن الواقع ، ومن ثم فهو تاريخي ككل النصوص البشرية التي يكوّنها الواقع ، وبنص عبارة أبو زيد " إن القرآن خطاب تاريخي ، لا يتضمن معنى مفارقا جوهريا ثابتا، وليس ثمة عناصر جوهرية ثابتة في النصوص" . وأشار د. عمارة إلى أن أصحاب هذه النزعة التاريخية بهذا التأويل العبثي حاولوا أن يحولوا حقائق الألوهيات والنبوات والوحي إلى مجازات تثير السخرية ، وتضحك الثكلى ،فالله في هذا التأويل العبثي هو : الأرض والخبز والحرية وصرخات الألم وصيحات الفرح والكفاح المسلح والاصلاح الزراعي ، وصفات الله هي صفات الانسان الكامل. المصدر: رأي اليوم الالكترونية 31/3/2014م