أثار حكم قضائي مصري بالإعدام لخمسمائة شخص من الإخوان المسلمين ومناصريهم تساؤلات الرأي العام المصري والدولي من محاكم قضائية وجمعيات حقوق الإنسان، ولإشارات خطيرة تنذر بأن الحكم في مصر ربما ينتقل من مرحلة جهل حكم الإخوان وسياستهم التعسفية ضد طموحات الشعب وأجياله القادمة، إلى هيمنة حكم عسكري يقضي على حلم الشعب المصري بالديموقراطية، ويؤدي إلى مرحلة لا استقرار بعيدة الأمد! أمام ترقب حذر من الشباب المصري المهُمّش من الحُكمين رغم قيامه بحركة التغيير الديموقراطية، وإسقاطه لنظام مبارك ليكمل بنهضة مصر نحو التطور الحضاري، لولا اختطاف الإخوان لثورته التصحيحية وتوجيهها لمصالحهم السلطوية، حيث فشلوا بحكمهم فشلاً ذريعاً، وأعادوا غضب الشباب إلى الشارع من جديد، الذي اصطدم بعنف غير مسبوق بينهم وبين الإخوان من جهة، والعسكر المتربص الذي استثمر بضعف الاثنين وسيطر على الحكم بإسقاطه مرسي من جهة أخرى، وأدخل البلاد في فوضى العنف من تفجيرات واغتيالات. وبعد ترشيح السيسي نفسه لرئاسة مصر، معلناً عن استراتيجيته الجديدة وتوجهها العسكري لقيادة البلاد، من دون أن تتخللها خطط لبرنامجه الإصلاحي والمستقبلي الذي يستوعب من خلاله حالة عدم ارتياح وقلق من حالة العنف والبطالة والركود الاقتصادي التي تعم البلاد، مما يؤشر إلى استمراريته بحربه ضد الإخوان المسلمين التي يتخذها كشماعة يخضع بها الجميع تحت سيطرته، ملغياً كل أسس الديموقراطية في الحكم، ويدفع بتوالد حركات جهادية تفتعل الهجمات الثأرية والانتقامية بعناوين مختلفة قد تحوِّل مدن مصر وأريافها إلى مستنقع دماء! أو أنه سيسعى إلى مشاركة المعتدلين من الإسلاميين في الحكومة كمرحلة انتقالية لتهدئة الوضع وحقن الدماء. وبالمقابل، إدخاله شباب الثورة الذين ضحوا بدمائهم من أجل إرساء الديموقراطية، ليدفع بالعجلة الاقتصادية والاستثمار بكفاءاتهم العلمية والاقتصادية، مما يؤدي إلى استقرار البلاد ونهضتها واستعادتها دورها القيادي للمنطقة! من الظلم لحقبة عبدالناصر أن نشبه السيسي به، فهناك اختلاف جلي في الظروف والبرنامج الوطني، إلا أنه مشابه لمحاربته الإخوان المسلمين الذين تعوّدوا على اختطاف الثورات الشعبية بأمر إقليمي وخارجي، خوف حكم الشعب الفعلي بعد تحقيقه الديموقراطية وفقدان دول كثيرة لعروشها والتي تفضل عليها عودة أحادية الحكم العسكري، ممّا جعل السيسي يسارع إلى عقد صفقة عسكرية مع روسيا تدعم جيشه ليحكم قبضته الحديدية بمساعدة إقليمية! لقد تعلّمت الدول الكبرى والإقليمية في حربها على الإرهاب أن استثمارها بالتيارات الأصولية سيرتد عليها يوماً ما، (كحرب القاعدة في الشيشان ضد روسيا)، فهل ستتعلم الأنظمة العربية بعدم الاستثمار بها لاختطاف الثورات الربيعية حتى لا يحصل ببلادها ما هو عليه الآن في سوريا ومصر، بنعت كل من يعترض أوامرهم بالإرهابي والتكفيري، محولين تلك التيارات الصغيرة بحجمها الفعلي إلى بروباغندا إعلامية تجعلها تعلن الجهاد فعلياً خوف استئصالها، فهل من يعتبر؟ المصدر: القبس الكويتية 2/4/2014م