* التصريحات الصحفية التي جاءت على لسان بعض المتنفذين في الحزب الحاكم عن مدي قبولهم لمراقبين دوليين للحزب الوطني، تأتي لتضيف قدراً من المصداقية في ظل الشكوك التي تدفع بها بعض عناصر المعارضة وذلك انطلاقاً من تجاربها الخاصة مع حزب المؤتمر الوطني سلباً كانت أم إيجاباً. * ومع اعتقادنا أن العمل السياسي لا يمكن أن تحكمه مثل هذه الاشتراطات على أساس أن من الممكن وان الثقة من عدمها تتوفر بالممارسة العملية، إضافة إلى أن الظروف التي تعيشها بلادنا تعد مثل هذه التحفظات نوعاً من الترف الذي يؤدي إلى تعويق العمل أكثر من الدفع به إلى الأمام. * إن فكرة المراقبين لمتابعة تنفيذ مثل هذا الحوار، تؤكد جدية العملية للوصول بها إلى آفاق أرحب يكون فيها الوطن ولاشيء غيره هو الأساس لأي طرح يقدم، ومن ثم يتسنى لنا وضع إستراتيجية واضحة تقوم على الثقة التي يمكن أن تكتسب في هذا الجانب بمرور الزمن بدلاً من التخندق في موقع واحد. * ولا شك أن هنالك العديد من الشائعات المغرضة التي تهدف إلى خلق الحالة من عدم الاستقرار تدور كلها في التشكيك ضد عملية الحوار الوطني الذي يفترض أن يتم في أجواء إيجابية، لنجد أن البعض يجزم بأن المحاولة في إطارها العام مقصود بها وحدة الحركة الإسلامية وليست القوى السياسية، وهو أمر يكمن أن يتم الرد العملي عليه من خلال المعطيات التي تزخر بها الساحة السياسية السودانية. * لقد أثبتت الأحداث أنه لا مجال من ضرورة الالتفاف على ما يطلق من شائعات تهدف إلى إدخال البلاد كلها في حلقة يكون فيها الوطن هو الخاسر الأكبر. لهذا فإن وضع خريطة للطريق تقود إلى وحدة الصف والوصول إلى اتفاق عام من خلال حوار ديمقراطي حر هو المحك الذي يمكن أن تنكسر عنده كل أحابيل التآمر. * إن المطلوب هو إيجاد قدر من الثقة بين أطراف الحوار وعدم الارتهان إلى تجارب سالبة كانت نتاج ظروف بعينها، وضرورة العمل على توفير كل الظروف الإيجابية التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح العملية بحيث يتم في النهاية الإجماع على صيغة لا تؤدي إلى إقصاء أحد أو هيمنة طرف على الآخر. لقد استطاع الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا أن يبني وطناً معافى تجاوز به كل جراحات التمييز العنصري من خلال قراره التاريخي الذي تجاوز فيه كل المرارات بكل ما حملته من تمييز آثم كان ضحيته مانديلا نفسه، ليمكث السنوات الطوال في سجون ذلك النظام العنصري المجرم. * ونحن بالطبع لا نطالب بأن تقوم القوى السياسية بإعمال ما أقدم عليه مانديلا، بقدر ما نأمل أن يكون الوطن ولاشيء غيره هو الهدف النهائي لأي عمل أو حراك سياسي يتطلعون إليه. نقلاً عن صحيفة الخرطوم 2014/4/21م