أبرز التحديات التى كانت ولا تزال تواجه الحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية فى سياق مشروع الاصلاح الشامل، كانت هي الثقة بين السلطة الحاكمة ومعارضيها، وبالتالي جدية السلطة فى دعواها الاصلاحية واستعدادها لتقديم تنازلات لخصومها السياسيين من شأنها ان تعزز مناخ الثقة وتجعل بيئة الحوار اكثر جاذبية، وفى المقابل مدى استعداد المعارضين للتخلي عن دعاوي اسقاط النظام بالقوة العسكرية او الانتفاضة الشعبية، ومن الواضح ان قداراً معقولاً من هذه الثقة قد توافر بدليل اقبال الغالبية العظمى من القوى السياسية على دعوة للحوار وانخراطها فى ترتيباته الاولية، برغم ان آخرين لا يزالون على الرصيف متمسكين بموقفهم المعارض لدعوة الحوار تأسيساً على انعدام الثقة. فى مستهل الدعوة للحوار الوطني وفى غمره الحديث عن الحاجة لتوافر قدر من الثقة مناسب، برزت أصوات تنادي إما بنقل فعاليات الحوار الوطني الى الخارج او بوجود رقابة دولية على الحوار الداخلي، وتباينت ردود الفعل على مثل هذه الأطروحات ما بين من يؤيدها بشكل مطلق ومن يرفضها جملة وتفصيلاً وبين من يقبلها (بتوضيحاتها) بعد اجراء تعديلات عليها، تبعاً لمواقف القوى الداخلية من الارتباط بالقوى الخارجية والمؤسسات ذات الصلة، لكن قضية علاقة الخارج بما يجري فى الداخل لم تقف عند هذا الحد، فقد تداخلت مع ما يجري من مفاوضات فى أديس ابابا بشأن منطقتين جنوب كردفان والنيل الازرق بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، لجهة محاولة الحركة اشتراط ان تكون اجندة التفاوض غير مقتصرة على موضوع المنطقتين واصرار الحكومة فى المقابل على حصر الاجندة فيما نص عليه قرار مجلس الامن الدولي 2046 وقرار مجلس السلم الافريقي المؤسس له. ويبدو أن الحيلة الاجرائية التى لجأ إليها فريق الوساطة فى الهيئة الافريقية رفيعة المستوى بقيادة امبيكي والمتمثلة فى الربط بين ما يجري من حوار وطني بالداخل وما يطلبه المتمردون من أجندة حوار وطني قد أتت أكلها، فأقبلت الحركة على التفاوض وعينها على حوار الداخل، ومن هناك وجد فريق الوساطة نفسه جزءاً من حوار الداخل، على الاقل من باب الاطلاع على مجرياته، ورؤية الاطراف المختلفة فى الحكومة والمعارضة للنتائج التى يمكن ان يفضي اليها فى حال انطلقت صافرته فعلياً. وهكذ سيبدأ الجدل بشأن علاقة الخارج بمجريات الحوار الوطني يتحول الى المنطقة الوسطى، وهي منطقة المقدار، أي بأيّ مقدار يكون للخارج دور و صلة بما يجري من حوار بالداخل، وربما يفضي هذا الجدل الى إقرار حقيقة ان الحوار الوطني لم يعد قضية داخلية فحسب وإنما سيصبح قضية اقليمية أيضاً، على الاقل من باب التحسب لتوسيع دائرة المشاركين من حملة السلاح ولتسويق مخرجاته النهائية. نقلا عن الرأي العام السودانية 20/5/2014م