في الذكرى الثامنة للغزو الأميركي للعراق الشقيق ، تؤكد كافة الحقائق والمعطيات والشواهد ، فشل الاحتلال في تحقيق الأهداف التي أعلن عنها ، وحاول أن يغطي بها استراتيجيته العدوانية ، القائمة على صياغة شرق أوسط جديد ، يرتبط بحبل سري بواشنطن ، ويكون للعدو الصهيوني فيه اليد الطولى. واشنطن فشلت في تحقيق الديمقراطية ، التي وعدت بها الشعب العراقي ، ولم تستطع أيضا أن تحقق الأمن والاستقرار للبلد الشقيق ، رغم وجود أكثر من 150 ألف جندي أميريكي ، ومليون جندي ورجل أمن عراقي. ونظرة سريعة لتداعيات الانتخابات الأخيرة ، والانفجارات التي تحصد الأبرياء ، تؤكد ما أشرنا إليه ، وتؤكد المأزق الخطير ، الذي وصل إليه العراق ، بفعل السياسة الأميركية التي جذرها الاحتلال ، والقائمة على ترسيخ المحاصصة والتقسيم وحكم الطائفة. فالاحتلال الذي وعد بعراق ديمقراطي متقدم عصري ، حوله بعد سبع سنوات إلى مستنقع للدم ، ومرتع للطائفية البغيضة ، ووكر للجاسوسية. والاحتلال الذي وعد الشعب الشقيق بالاستقرار والأمن ، حول بغداد الرشيد ، إلى سوق للموت ، وإلى أكبر بلد طارد في العالم لمواطنيه ، إذ بلغ عدد المهجرين أكثر من أربعة ملايين عراقي في الخارج ، وثلاثة ملايين في الداخل. والعراق الذي احتفل بالقضاء على الأمية في سبعينيات القرن الماضي ، أصبح من البلدان التي تعاني من ارتفاع نسبة هذه الآفة. ويلاد الرافدين ، التي حظيت بتأمين صحي شامل ، ونهضة طبية ، ومستشفيات حديثة ، في ثمانينات القرن الماضي ، أصبحت تعاني اليوم من الكوليرا والطاعون ، وأكثر من نصف مواطنيها لا تصلهم الكهرباء ، ولا يحصلون على مياه صالحة الشرب. في الذكرى الثامنة للكارثة يحصي الأشقاء عدد قتلاهم ، وقد تجاوزوا المليون ، على يد القوات الأميركية ، وعدد الأيتام تجازز المليونين ، والأرامل كذلك في ذكرى الاحتلال الكالحة ، نذكر من صفقوا للغزو ، بتقارير منظمة الشفافية العالمية ، بان العراق وفي ظل الاحتلال ، اصبح البلد الاكثر فسادا بعد الصومال ، في حين اعلنت لجنة النزاهة العراقية ، ان مجموع الاموال التي تم نهبها ، خلال الفترة المذكورة ، يزيد عن "15" مليار دولار. في ذكرى الغزو ، نذكر من نسي أو تناسى ، باعترافات إدارة بوش ، وحكومة بلير ، بأنهم مارسوا الكذب ، وروجوا الاشاعات على الشعبين البريطاني والأميركي والعالم ، لتبرير العدوان ، فالعراق لم يكن يملك أسلحة خطيرة ، وليس على اتصال بالقاعدة ، وأن مخطط الاحتلال لم يكن وليد الساعة ، بل هو مخطط قديم ، وقد جرى تدريب القوات المسلحة الأميركية على تنفيذه في الوقت المناسب. والسؤال الذي يطرح نفسه أليست هذه الاعترافات تستحق المساءلة ، وتستدعي تحويل المتورطين إلى العدالة ، وقد تسببت بموت الملايين ، وتدمير وطن ، واعادته إلى العصور الوسطى ، وجر أميركا والعالم إلى كارثة مالية واقتصادية ، بعد أن خسرت أميركا في حربيها في أفغانستان والعراق أكثر من تريليوني دولار. واكثر من خمسة الاف قتيل من خيرة جندهم. باختصار.. فشل الاحتلال الأميركي لم يكن مصادفة ، بل بفعل مقاومة الشعب العراقي ، كما اعترف تقرير "بيكر - هاملتون" هذه المقاومة التي فاجأت العدو ، وقد انطلقت بعد سقوط بغداد الرشيد فورا ، لتؤكد أن هذه الأمة قادرة على دحر العدوان ، وتحقيق الانتصار. وقبل ذلك وبعده بان ليل الاحتلال الى زوال. المصدر: الدستور 8/4/2010