فارق الصوت الصدى وابتعدت الكلمة من الصورة عندما اتجهت الاحزاب السياسية المشاركة الى تعليق الحوار لتفقد بذلك الإمساك بأنامل الأمل فى المخرج الوحيد لما تمرّ به البلاد لتصبح عدسة المشهد السياسي لا تسع الجميع. قررت بعض الاحزاب السياسية المشاركة فى الحوار الوطني الشامل ما عدا حزب المؤتمر الشعبي تعليق الحوار من جانبها الى حين ان تفي الحكومة بإلتزاماتها بناء على انعدام الثقة وقررت احزاب المعارضة السودانية المشاركة فى الحوار الوطني الدفع بخطاب الى الرئيس عمر البشير، لتحديد موعد يجمع آلية الحوار وقادة الاحزاب السياسية المشاركة فى الحوار الوطني. وكشف حسن زرق نائب رئيس حركة الاصلاح الآن وعضو آلية الحوار -من جانب المعارضة- فى تصريح صحفي يوم الاحد ان احزاب المعارضة المشاركة فى الحوار الوطني منحت حكومة الخرطوم الفرصة لمراجعة التزاماتها تجاه عملية بناء الثقة معها فيما يتعلق بالحريات ومحاربة الفساد، وذلك حسبما جاء بوكالة انباء الشرق الاوسط. وقال إن احزاب المعارضة ناقشت قرار تعليق الحوار والتزام الحكومة بتوجيهات الرئيس البشير لكونه الداعي للحوار للتدخل لمعالجة مهددات إستمراريته. الحوار الوطني الشامل الذي ابتدره رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر الوطني المشير البشير ودعا له كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني أهم ما ورد فيه اصلاح الاقتصاد والوضع السياسي والهوية وحرية التعبير والاعلام والسياسة الخارجية. إذن ما هي دوافع الاحزاب المشاركة التى قادتها لتعليق الحوار؟ هل هي تريد ان تضغط من أجل تنازلات أكبر أم تريد الانسحاب من الحوار لتقديرات تعلمها؟ استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الدكتور حسن حامد مشيكة قال إن بوادر الخلاف بين الاحزاب السياسية المعارضة هي التى قادت الى تعليق الحوار الوطني من جانب بعض الاحزاب بحجة ان حزب المؤتمر الوطني ارتد عن الحوار بعد التطورات الاخيرة التى انتظمت الساحة السياسية كتوقيف بعض قادة الاحزاب وتعليق صدور احدى الصحف. واشار مشيكة الى ان ما جرى السبب الرئيس فيه هو التناول غير الدقيق للقضايا من جانب بعض الصحفيين مما يؤثر على سير العدالة فيها بالاضافة الى بعض الاحزاب التى لم يسمها لها مطالب كبيرة وطموحات ذات سقف عالي وبعض الاحزاب لم تدخل الحوار إلا تكتيكياً من أجل المناورة. وفى الاثناء قال المحلل السياسي، مدير مركز النزاعات ودراسات السلام بجامعة ام درمان الاسلامية الاستاذ راشد التجاني سليمان ان كل الاحتمالات ورادة فى تعليق الحوار بما في ذلك المطالبة بزيادة التنازلات المتميزة وتصحيح مسار الحوار بعد المستجدات الحديثة التى طالت المناخ السياسي. وقال مشيكة ل(الصحافة) لا بديل للحوار سوى الحوار ولكنه استدرك وقال ان الحوار فى الوقت الراهن لا يسير بطريقة سلسة بيد الاستمرار فى توقيف المهدي الذي زاد على ثلاث اسابيع وتوقيف رئيس حزب المؤتمر السوداني اخيراً بمدينة النهود ابراهيم الشيخ صباح يوم الاحد. وأوضح إن إبداء مزيد من المرونة الكافية من جانب الوطني من شأنه انقاذ الحوار بالاضافة الى ان على الاحزاب السياسية المشاركة ان تعدل عن قرار تعليق الحوار والسعي الحثيث فى اتجاه توفير المناخ الملائم للحوار بمطالبة الوطني بالتراجع مما قام به من اجل مصلحة البلاد العليا. وقال راشد التجاني سليمان ل(الصحافة)، ربما رأت الاحزاب السياسية المشاركة فى الحوار الوطني ان الحوار انحرف عن مساره الصحيح وبالتالي قررت تعليقه الى حين ان يتلزم الوطني بما وعد به وغير ذلك اشار راشد الى ان هناك عدداً من الاسباب من بينها تعديل قانون الانتخابات واصرار الوطني على اجراء الانتخابات فى موعدها وتوقيف رئيس الامة المهدي . فيما نفى المحلل السياسي الاستاذ راشد التجاني ان يكون من دواعي تعليق الحوار انعدام الكفاءة فى الاحزاب السياسية المشاركة فى الحوار امام حزب المؤتمر الوطني الحاكم. واشار الى ان تعيين وقت الانتخابات من جانب الوطني واصراره على اجرائها فى موعدها معناه ان الوطني حدد الجهات المشاركة وكيف تدار الانتخابات ليضمن نجاحه فيها. كما أوضح ان هناك اتجاه الى ان الحوار يصب فى اتجاه تقليص حصة الوطني فى الحكومة وعليه تحرك الوطني من اجل الاحتفاظ باستمرار الحوار مع ما يحفظ له مساحة معقولة فى الحكومة القادمة ولا يتم ذلك إلا بابعاد الاحزاب التى لها مطالب كبيرة كالأمة القومي وحركة الاصلاح ويحتفظ بالاحزاب التي يستطيع ان يصل معها الى اتفاق مناسب، بمعنى ان الوطني يسعى الى الاكتفاء ببعض الاحزاب دون الاخرى فى المشاركة فى الحوار الوطني. الاحزاب الاقرب فكراً لحزب المؤتمر الوطني هي التى تحظى بالمشاركة فى الحكومة القادمة ولكن ان تكون اقل مطالباً؛ أي ان الحوار سيستمر ولكن ليس مع كل الاحزاب السياسية. واختتم راشد حديثه بأن الحراك السياسي مفتوح لكل الاحتمالات وربما الافراج عن المهدي يغير من وتيرة الحوار ويعيده الى سيرته الاولى. نقلا عن صحيفة الصحافة السودانية 9/6/2014م