الابتسار الذي أعمل علي حديث بروفيسور إبراهيم غندور حول الحوار والانتخابات في بعض التناول الصحفي والذي وضع حديث البروف في قالب (الانتخابات هي البديل للحوار الوطني) غير دقيق ويقع تحت طائلة ما زعمه الأستاذ/ حسين خوجلي – بأن واحدة من أزمات الصحافة هو تعاملها مع المعلومات الشكلية – بل ومثل هكذا معالجة تعمل علي تزويد بوصلة المتلقي بإحداثيات خاطئة تجعله لا محالة يضل الطريق. الدعوة التي أطلقها السيد/ رئيس الجمهورية للحوار الوطني ضمن خطة الإصلاح وخطاب الوثبة جاءت حثاً علي استثمار ما تبقي من سنة ونصف تقريباً من استحقاق دستوري رئاسي وبرلماني لتحقيق التوافق الوطني حول المرتكزات الثلاثة والتي أضاف إليها اجتماع المائدة المستديرة في السادس من أبريل الماضي محوراً رابعاً هو العلاقات الخارجية، ومن بعد التوجه إلي الشعب (مانع التفويض) عبر انتخابات تثمر تمثيلاً واسعاً، وتتسم بالحرية والنزاهة. الدعوة للحوار الوطني جاءت في ظل سريان دستور 2005 المجمع عليه من كافة القوي اللاعبة في الميدان السياسي الآن – وفي ظل سريان قوانينه.. بمعني أن الدعوة للحوار لم تعلق الدستور أو توقف سريان قوانينه، وبالطبع لو حدث ذلك لدخلت البلاد في مرحلة برزخية لا قواعد لها أو شرعية تستندها،، بل الصواب الوحيد والأجدى لمسيرة الحوار الوطني الحفاظ علي النظام الدستوري لتنزيل نتائجه واستيعاب ما يتفق عليه المتحاورون من اتفاقات أو تعديلات لبعض القوانين المتفق علي تعديلها عبر آليات الدستور نفسه ومؤسساته النافذة. بهذا المفهوم تبقي الانتخابات – نظام وقوانين ومفوضية قومية – نافذة الصلاحية وواجبة الاستحقاق المسنود بالدستور الساري، وبذات القدر يبقي الحوار الوطني خطا إستراتيجياً ووسيلة وحيدة لحل مشكلات البلاد، بيد أنه إذا اتفق المتحاورون علي تأجيل الانتخابات فسيتم ذلك وفق الدستور وعبر البرلمان القائم حتي يكتسب التعديل شرعيته الدستورية، وبهذا المفهوم أيضاً تبقي حقيقة أن الحوار أو الانتخابات لم ينسخ أحدهما الآخر أو يعطله عن مساره، ثم يبقي الأمل الكبير في إرادة المتحاورين للتوصل للتوافق المفضي إلي الانتخابات المتوافق علي قانوها وقواعدها ونزاهتها. علي هذا النحو وفي ذات المسارين مسار الحوار الوطني المأمول تحركه بسرعة أكبر خلال الأيام القادمة بعد الحراك الذي قادته مجموعة القوي السياسية الموفقة علي الحوار في اليومين الماضيين، ومسار الانتخابات كاستحقاق دستوري مستمر – عقدت المفوضية القومية للانتخابات والأمم المتحدة بمشاركة القوي السياسية مؤخراً ورشة مهمة جداً درست خيارات التعديلات المنطقية والواجبة في قانون وقواعد الانتخابات التي من شأنها أن تؤدي إلي مشاركة سياسية واسعة وغير مسبوقة في برلمان البلاد المستقبلي، وتمثلت أهم هذه التعديلات في رفع نسبة التمثيل النسبي، والهبوط بدرجة النسبة المؤهلة إلي درجة الصفر، وأفصح العديد من الخبراء أن هذه المقترحات في حال تنفيذها تصب بالدرجة الأولي في مصلحة الأحزاب غير المشاركة حالياً في السلطة والأحزاب الصغيرة. البلاد تمر بمرحلة إعداد دقيق لخلق واقع جديد، لو صدقت فيها النوايا وتوحدت فيها الإرادة لاستطاع السودانيون العبور بها الي مستقبل التوافق الأكبر علي ذروة القضايا الوطنية، ولإتاحة حرية التنافس السياسي والوطني الرامي إلي تحقيق نهضة البلاد وسلامتها واستقرارها.. وإلي الملتقي. نقلا عن صحيفة السوداني 19/6/2014م