خاص/سودان سفاري على الرغم من ان الاخطاء الفنية التى صاحبت عملية الاقتراع التى بدأت امس – الاحد – فى السودان ليست بالفادحة التى تصل الى حد المساس بمجمل العملية الانتخابية وحِيدتها و سلامتها، إلا ان هذه الاخطاء التي إعتبرها بعض الخبراء فى هذا الصدد بمثابة (هنَّات) أو اخطاء محسوبة و متوقعة ، أحدثت ارتباكاً ما كان هناك من داعٍ له . فمفوضية الانتخابات هذه مفوضية مستقلة اختارتها القوى السياسية قاطبة عبر مقترحات مكتوبة وردت من كافة هذه القوى ،و يتمتع اعضاؤها بقدر من الخبرة و النزاهة و البعد التام عن أى انتماء حزبي ، كما ان المفوضية عقدت مؤتمراً صحفياً محترماً فى اليوم الذى سبق العملية – وهو يوم السبت – أكدت فيه اكتمال كافة ترتيباتها للإقتراع ،و قطعت بأن معدات التصويت (من بطاقات و احبار و صناديق) قد وصلت فعلياً الى المراكز التى حددت للتصويت بكافة ارجاء السودان. ولهذا حين يفاجأ المرشحون والناخبون باختلاط أوراق هنا ، وأخطاء فى اوراق و سقوط بعض الاسماء ، فان هذه الأمور تحسب على المفوضية من الناحية الادارية و الفنية ، ولم يكن إقرار المفوضية بخطئها هذا كافياً- رغماً عن كونه درجة جيدة من الشفافية – إذ أنه كان يتعين عليها ان تبيِّن بالتفصيل و بوضوح تام الأمور التى تسببت فى هذا الارتباك المؤسف ، إذ ان معرفة الاسباب و فضلاً عن كونها توجد إرتياحاً فى نفوس المرشحين و الناخبين فانها تعطي المراقبين مؤشراً على مجمل مسيرة العملية و ما إذا كانت هذه الاخطاء وقعت جراء إهمال او خطأ عارض أو أن هناك جهات تدخلت لإفساد العملية ،و هذه بالطبع ليست فرضية مستبعدة إذا كان حيال قوي سياسية معارضة قاطعت هذه الانتخابات وتخشي سلامتها وفوز خصومها . اذن لا مجال على الاطلاق للتغاضي عن اخطاء المفوضية ولا مجال لإيجاد عذر لها ،و فى الوقت نفسه فان اى مراقب موضوعي ينطلق من منطلق متوازن يصعب عليه تحميل الحكومة القائمة وزر هذه الاخطاء ، فالمسئول الاول عن العملية هى المفوضية ، و كما اسلفنا فان المفوضية لم يتم اختيارها بواسطة الحكومة القائمة و انما جاءة وليدة مقترحات القوى السياسية نفسها التى تنتقدها الآن ،ولن يقلل من ذلك عدم ظهور تصريحات من المؤتمر الوطني بوصفه جزء من الحكومة القائمة الآن تنتقد الاخطاء التى حدثت ، إذ من المؤكد ان المؤتمر الوطني طال الزمن او قصر سوف يبدي انتقاداً لما جري . مجمل القول ان المفوضية اخطأت وعليها ان تنتبه لمثل هذه الاخطاء التى تفتح الباب واسعاً للتشكيك فى العملية.