من التعسف بل من الجور والظلم أن نحمل الدكتور عبد الرحمن الخضر وزر الذي يحدث بسبب السيول و الأمطار فالأزمة قديمة قدم البحر.. فقد عرضت علينا قبل أيام صور للمرحوم عمر نور الدائم وزير المالية فى حكومة الصادق المهدي الأخيرة وهو يخوض في مياه السيول و الأمطار الفيضانات عام 1988 و يواسي المتضررين ويوعدهم كما وعد كل مسئول إن هذه الكوارث ستكون آخر الأمطار (عفواً، آخر الأحزان) ..ولأن السماء لا تتوقف عن إرسال غيثها و أن أخطائنا فى التخطيط منذ أن عرف الناس المدن عمرها قرن ويزيد ولا سبيل لمعالجتها قريباً و الدولة ترزح تحت وطأة الفقر والاقتصاد المنهار.. فهذا الستر القصير لن يستر العورتين فى آن واحد.. فالاتجاه للتنمية يلزم أن يربط الناس بطونهم وألسنتهم أيضاً لكن أيضاً يلزم المتعهدين بها نظافة اليد وطهارتها. عبد الرحمن الخضر جابه فيضانات عديدة سابقة غفر له الناس الكثير من الزلات فيها ولكن هذا العام قصم ظهره آخرون انعدمت فيهم الأمانة وخابت فيهم الثقة، فالحديث عن استقالته أو إقالته لن يجعل الأمطار تجف فجأة و البيوت المنهارة تعود إلى سقوفها، ولا سحر سيأتي به الوالي الجديد ولا خاتم بين يديه يفركه لينال رضى الناس. الواجب أن لا نربك الرجل بدعوته للاستقالة على الأقل هذه الأيام بل دعوه يوظف ما يملكه من إمكانات ولو بأضعف الإيمان فنحن قوم تزيد من تلاحمنا و حميميتنا الكوارث فتجعلنا على قلب رجل واحد فالسوداني كما تقول حبوباتنا (حبيب قسى أهله) أي يحب أن يقسي الدهر على أهله ويحملهم إلى المعاناة ليزيل عنهم هذا القسا وتلك المعاناة و يسعد بأنه استطاع أن يفعل هذا.. ولكن ليس من بين هؤلاء الذين يحبون القسا لنا حكومتنا ومسئولينا لأنهم فى الغالب لا ينجحون فى إزالته وأحياناً لا يرغبون. عزيزي الدكتور الخضر، أنت في موقف لا تحسد عليه ومع ذلك هنالك من يحسدونك من أقرانك وأندادك و حتى أصدقائك على أنك والياً لخمس سنوات للخرطوم كل فيها بعض الانجازات و شيء من الإخفاقات.. أنجاك الأخير أن رمت أن لا تعود إلينا هو أن تصبر على هذا العنت الذي تلاقيه لتعبر بنا من هذه الأزمة. نقلا عن الأهرام اليوم 4/8/2014م