تزيد التوجيهات الرئاسية التي أصدرها رئيس الجمهورية، عمر البشير، بإطلاق سراح رئيس حزب المؤتمر المعارض، إبراهيم الشيخ، ومن قبله نائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق تلبية لمطلب رئيس الآلية الأفريقية، ثامبو أمبيكي، تهيئة أجواء الحوار الوطني، تزيد من فرص التوصل إلى توافق وطني بين الفرقاء السودانيين وقال وزير الدولة برئاسة الجمهورية، الرشيد هارون، إنّ "البشير أمر بإطلاق سراح رئيس حزب المؤتمر السوداني، إبراهيم الشيخ، إكراماً لأمبيكي، وحرصاً منه على تهيئة أجواء الحوار لضمان مشاركة القوى السياسيّة".ورحّب البشير بالاتفاقيّة التي وقّعتها الوساطة الافريقية، يوم الجمعة الماضي، في أديس أبابا، مع الجبهة الثوريّة وحزب الأمّة المعارض، فضلاً عن لجنة السبعة الخاصة بالحوار الداخلي، والتي تضمّ الحكومة والمعارضة الموافِقة على الحوار، بينها حزب المؤتمر الشعبي، بزعامة حسن الترابي، وحركة "الاصلاح الآن"، برئاسة غازي صلاح الدين.وتنصّ الاتفاقيّة على جملة مبادئ لانطلاق الحوار بمشاركة كافة القوى السياسية المسلّحة والسلميّة، ومن أهمها إطلاق سراح المعتقلين والمحكومين سياسياً، إلى جانب وقف إطلاق النار. ويقول مراقبون أن إطلاق سراح مريم والشيخ أتى في إطار تهيئة المناخ للحوار وتهيئة البيئة السياسية للحوار الوطني الذي يتوقع ان يبدأ قريبا.فخطوة إطلاق سراح مريم والشيخ – بحسب المراقبين أولى بشريات الحوار الجاد.. وانفتاح الحكومة على الآخر بغض النظر عن التباين والخلافات في الرؤى والأفكار والتي يمكن أن تقرأ في إطار الاختلاف الطبيعي. وتأتي الخطوة ضمن تنازلات كبيرة تمت من قبل الحكومة بصورة مؤسسية قناعة منها بضرورة إصلاح الحال، حيث كانت دعوة الحوار أحد هذه التنازلات ، لذا فالأحزاب المعارضة والمتمردين مطالبون للمشاركة في فعاليات الحوار للمساهمة في رفع المعاناة عن المواطنين، والقوى السياسية مطالبة بقيادة حراك وطني تجاه قضايا الحوار خاصة بعد الاتفاق على خارطة الطريق التي توافقت عليها آلية الحوار الوطني المكونة من أحزاب الحكومة والمعارضة. والدخول في الحوار الوطني هو الحل الوحيد لمشاكل السودان الاقتصادية والأمنية.وصمام الأمان لوجود السودان هو الحوار الوطني لأن نتيجته غالب غالب، وأي سيناريو آخر سواء أكان انقلابا عسكريا أو تدخلا خارجيا أو ثورة شعبية فستكون نتيجته صفرية، وهذا لا يفيد السودان. فالحكومة بشرت بالحريات، ولكن هناك تيارات ضد الحوار، وتيارات رافضة للحوار الوطني داخل المؤتمر الوطني وداخل حزب الأمة وداخل حزب المؤتمر الشعبي.. وأيضا هناك دول خارجية تقف ضد الحوار الوطني في السودان، والجبهة الثورية وحاملي السلاح ضد الحوار الذي لن يمضي بسهولة ، لكن المشجع للحوار هو أن الرئيس عمر البشير شخصيا والقيادات العليا في حكومته، مؤيدون للحوار الوطني وهم واعون لمسألة عدم الدخول في حل غير متفاوض عليه. والجميع هنا مطالب بالوصول إلى توافق سياسي أولا، مع التشديد على ضرورة التمييز بين القانون الساري والجوانب السياسية التي يجب التحاور حولها. فقوانين العقوبات والقانون الجنائي والأمن الوطني لا تلغى بجرة قلم، ولا تتم عليها أي إضافة أو تعديلات إلا بالتوافق السياسي الشامل، لأنه لا يمكن لجهة ما أن تلغي قوانين سارية إلا إذا حدث توافق سياسي في البلاد، ثم بعد ذلك توجد الآليات اللازمة لتحويل هذه الإرادة السياسية. عموما فإن خروج مريم والشيخ لا يعني أن الحكومة قدأمنت على إتهامات الشيخ لقوات الدعم السريع أو أنها وافقت على خطوة مريم أو اعترفت بما قامت به في باريس.. لأن الإمام نفسه قد تم إطلاق سراحه في السابق رغم التهم التي وجهها ضد الدعم السريع احد الأذرع القوية والمساندة للقوات المسلحة.. وعليه يمكن أن تقرأ وضعية كليهما بالنظرة الجديدة والايجابية للحكومة وسعيها لتوسيع ماعون العمل السياسي والتفاوض الجاد بالتغاضي عن أخطاء الخصوم وحراكهم السلبي.