من الغريب حقاً – و ربما من المضحك المبكي – ان كل الذين يتحدثون عن خروقات و اخطاء فنية و تزوير فى الانتخابات العامة فى السودان يحرصون – لأسباب ربما تخصهم وحدهم – على التركيز على الشمال السوداني وحده و يتعمدون تجاهل الجنوب و هى ملاحظة لم تجد لها (سودان سفاري) تفسيراً لدي كل قادة القوى السياسية المكونين لما يسمي بقوي جوبا ،لأن العملية واحدة شمالاً و جنوباً، فان كان هناك – قدر من الانصاف و الرؤية العادلة لدي قادة هذه القوى – فإن عليهم الحدث ايضاً عن خروقات الجنوب . نقول ذلك وقد لاحظنا ان الخروقات الدائر الحديث عنها فى الشمال – بصرف النظر عن صحتها من عدمه ، وبصرف النظر عن كيفية معالجة المفوضية لها – كلها خروقات لا يمكن اتهام جهة محددة بها، فقد ظل الانتقاد يوجه للمفوضية كونها أخطأت أخطاء فنية سواء فى سقوط بعض اسماء الناخبين او تعديل أوراق مركز بأوراق آخر و قد عالجت المفوضية هذه الاشكالات ، و لكن الأمر يختلف تماماً بشأن ما حدث فى الجنوب ، فهناك ثبت بأدلة قاطعة سيطرة الجيش الشعبي على العملية سواء باحتجازه لمنسوبي الاحزاب ، مثل احتجاز 402 من منسوبي الوطني فى ولاية شمال بحر الغزال أو بعرقلة أنشطة الناخبين انفسهم كما جري فى منطقة واراب و اضطر المرشح هناك بونا ملوال للإحتجاج بالانسحاب. بل ثبت ان الجيش الشعبي قام بالاستيلاء على صناديق الاقتراع فى مراكز معينة ، كما وقعت عمليات اغتيال نفذها الجيش الشعبي وقد رأينا السرد المطول الذى قدمه المرشح لرئاسة حكومة الجنوب زعيم التغيير الديمقراطي د. لام أكول للخروقات الخطيرة التي حدثت فى الجنوب ، و ما من شك انها خروقات فاقت حد المعقول و غير المعقول . و هذا ما يجعلنا نتساءل عن سر صمت قوي جوباعلى وجه الخصوص عن هذه الخروقات رغم وضوحها ؟ و هو ذات ما يدعونا للتساؤل عن السر وراء قبول الحركة الشعبية خوض الانتخابات فى الجنوب و رفضها خوض الانتخابات فى الشمال ، إذ من المؤكد انها رأت ان بامكانها السيطرة على الاوضاع فى جنوب السودان و التحكم فى مجريات العملية الانتخابية تحكماً كاملاً ،