لم تعد التصريحات فقط هي التي تعبر عنك في علم السياسة، وإنما كل (تفاصيلك) وتفاصيل ما حولك ولغة جسدك وأنت تتحدث، وطريقة جلوسك، وأناقتك واختيارك لملابسك.. الخ. واللسان آخر ما يفصح عنك، فهناك مثل (صيني) يقول إذا أردت أن تتعرف على رجل فأنظر إلى (حذائه)، وتذهب دراسة (أمريكية) لأبعد من ذلك إذ تقول يمكن التعرف عن الشخص من خلال وجباته (المفضلة)، فقد أظهرت دراسة أجراها د. بيل ويست رئيس قسم الاستشارات الطبية بجامعة تينسي الأمريكية وعدد من علماء النفس أن هناك علاقة وطيدة بين نوعية الوجبة السريعة التي تفضلها وبين شخصيتك. فما عليك إلا أن تختار وجبتك المفضلة التي تحرص من وقت لآخر على تناولها، وعن طريق هذا الاختيار سوف يكون بإمكانك التعرف على شخصيتك.. فحبك لتناول (الآيس كريم)مثلاً يعني أنك شخصية تتصف بالرقة وخفة الظل ويصعب إثارة غضبك، كما أنك شخصية محبوبة في إطار أسرتك وأصدقائك يعتبرونك أفضل المجموعة. وكنت قد كتبت قبلها مقالاً بعنوان (أزياء الرؤساء.. الرسائل الصامتة!)، أشرت فيه لزي بعض رؤساء العالم ورمزيتها. لذا نجد أن في (البروتوكول) كل شئ محسوب بدقة، لا مجال للصدفة والتخبط والعشوائية! وحتى في حياتنا العادية بعيداً عن عالم السياسة، نجد أن تفاصيلك تعنون لشخصيتك وتعطي رسائل سالبة أو موجبة (للمتلقي)، ومثال لذلك ظهور موظف (عربي) بلجنة المعاينات بإحدى السفارات العربية بالخرطوم وهو يرتدي ملابس (تريننج) أشبه بملابس (النوم)، ويقابل بهذا (الشكل) المتقدمين للوظائف، ففي ذلك رسالة غير مستساغة تنم عن عدم المسؤولية والاستهتار والاستخفاف! وقد أثارت مواقع التواصل الاجتماعي بالأمس الصورة التي ظهر فيها "فاروق أبو عيسى" رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض و"أركو مناوي" وهما يوقعان على وثيقة عُرفت ب"نداء السودان" بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، تدعو إلى تفكيك النظام الحاكم في السودان. أثارت الصورة التي يظهران فيها وهما يوقعان على الوثيقة على طاولة وضعت (مقلوبة) ليست على الوضع الصحيح، في إشارة إلى عدم دقة التنظيم وعشوائية مراسم التوقيع على وثيقة "يفترض" فيها أن تحدد مصير الوطن، وجاءت تعليقات مرتادي مواقع التواصل على الصورة ساخطة على عشوائيتهم وعدم اهتمامهم (بالإخراج) والتفاصيل التي تفصح عن ارتباكهم وسوء دقتهم ونظامهم. كما ظهر (مناوي) بشكل بائس غير جاد وهو يرتدي قميص بلون (عنابي) غامض وعليه (صديري) به عدة (جيوب) أشبه ب(يونيفورم) مراسلي وكالات الأخبار الميدانيين. إذا لا مجال للتخطيط والعشواء وعدم التخطيط والانتباه (للتفاصيل) التي تسرق الأضواء وتصرف الرأي العام عن التفكير والاهتمام (بالمضمون) كما تعنون لمن يسعون لامتطاء صهوة السلطة في السودان وتعطي إشارة تسفر عن كنههم الحقيقي وصورتهم (المرتبكة) التي تنطبع في الأذهان! والتي يبدو عليها العشوائية والتخبط ولا جديد عندهم غير ميثاق يعقبه إعلان يعقبه نداء يليه إجماع جميعها جعجعة بلا طحين تارة بباريس وتارة بنيروبي وأخرى بأديس كلها حبر على ورق تنتهي بإطفاء وميض الكاميرات، وواضح أن رسالتهم (الصامتة) كانت قدرتهم على (قلب طاولة) وليس نظام! والله المستعان. إلى لقاء نقلاً عن صحيفة السوداني 9/12/2014م