لقد سعدت كثيرا عندما قرأت نتيجة التصويت الذي جرى في جامعة بيركلي بولاية كاليفورنيا الأمريكية بأغلبية 16 صوت مقابل 4 أصوات فقط على قرار بسحب استثمارات الجامعة وأموالها من الشركات التي تسهم وتستفيد من مظالم الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وانتهاك أبسط حقوق الانسان الفلسطيني. إن مثل هذه المواقف، التي تلقى الدعم المتزايد من منظمات المجتمع المدني وأصحاب الضمائر الحية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ضرورية من أجل بناء عالم أفضل يكون فيه للإنسان الفلسطيني مكانه بين سائر البشر كما أن مثل هذه القرارات المبدئية تمثل مصدر إلهام عندما يتولى الشباب القيادة ويصدعون بالحقيقة. رغم ما قد يزعمه البعض فإن هؤلاء الطلاب قد فعلوا الصواب وغلبوا الأخلاق والضمير باعتبارهم آدميين تحركهم مشاعرهم الإنسانية ويؤمنون بأن كل البشر لهم ذات الكرامة والحقوق نفسها وأنه لابد من التضامن مع الشعوب التي ديست كرامتها وهضمت حقوقها.لقد زرت الأراضي الفلسطينية المحتلة ووقفت بنفسي على مظاهر الفصل العنصري من طرق ومشاريع سكنية وهو ذكرني كثيرا بالأوضاع العنصرية التي عشناها نحن السود من قبل في جنوب إفريقيا في عهد نظام التمييز العنصري البائد والمعروف باسم "الأبارتهايد". لقد رأيت بأم عيني كيف يهان الفلسطينيون وتداس كرامتهم من رجال ونساء وأطفال وهم ينتظرون على مدى ساعات كاملة عند نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية رغم أنهم لا يرغبون إلا في القيام بأنشطة يومية روتينية مثل زيارة الأهل والأقرباء وارتياد المدرسة والجامعة. إنها إهانة مألوفة لي ولأغلب السود في جنوب افريقيا الذين كانوا يتعرضون دائما لأبشع الاهانات وشتى صنوف الإذلال والشتائم في عهد حكومة نظام التمييز العنصري البغيض. في جنوب افريقيا لم نستطع أن ننتزع حريتنا كآدميين مثل سائر البشر ونحقق السلام العادل من دون مساعدة شعوب العالم والتي لجأت إلى استخدام أساليب اللاعنف مثل المقاطعة وسحب الاستثمارات وتشجيع الحكومات والشركات والأطراف الفاعلة على إعادة النظر في التأييد الذي ظلت تمنحه للنظام العنصري البغيض على مدى عقود من الزمن. لقد لعب الطلاب دورا محوريا في نضالنا. لذلك فأنا أكتب هذه الكلمات تشجيعا للجهود التي يبذلها طلاب جامعة بيركلي بولاية كاليفورنيا لسحب الأموال والاستثمارات من الشركات التي تستفيد من الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فالطلبة هم الذين أسهموا بشكل كبير في المعركة التي خضناها في جنوب افريقيا من أجل العدالة والمساواة وتكريس مبادئ المسئولية الاجتماعية والأخلاقية وإنهاء التواطؤ الخارجي مع نظام التمييز العنصري البغيض في جنوب افريقيا. لقد زرت جامعة بيركلي الأمريكية في ثمانينيات القرن العشرين الماضي وتأثرت كثيرا عندما رأيت الطلاب وهم يعتصمون تحت أشعة الشمس الحارقة للضغط على إدارة الجامعة كي تسحب أموالها واستثماراتها من الشركات التي كانت تدعم نظام التمييز العنصري البغيض في جنوب افريقيا. إن المسألة نفسها المتعلقة بانعدام المساواة وتكريس سياسة التمييز العنصري هي التي تحتم اليوم تعزيز مثل هذه الدعوات الرامية إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل في إطار الجهود الرامية لإنهاء 43 سنة من الاحتلال الاستيطاني والتمييز العنصري الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. فعنصرية إسرائيل لا تقل عن العنصرية التي عانيناها في جنوب إفريقيا. المصدر: اخبار الخليج 25/4/2010