هل صحيح أن مسؤولا ألمانيا كبيرا قال لمعارض بارز خلال منبر برلين: العاجبو يقعد والما عاجبو يمشي..؟ هذه واحدة من الشمارات التي يروج لها المناهضون لمنبر برلين بين صفوف المعارضين.. ويقال إن ذلك المعارض الكبير قد استنكر الطريقة التي يدار بها المنبر.. وإصرار الألمان على تقريب وجهات النظر.. واتهم الألمان بالتواطؤ مع المؤتمر الوطني.. إتخيل..؟!! وأن الخواجة (إتحمق) هكذا قال محدثي المعارض المقاطع.. فقال لذلك المعارض المشارك.. ما عاجبك اطلع برة.. ولأن الشمارات دائما ما تأتي مفتوحة النهايات.. فلم نعرف على وجه الدقة ما كان من أمر ذلك المعارض المشارك.. هل عجبو الكلام فقعد.. أم لم يعجبه فمرق..! وفقا لرؤية عدد مقدر من متابعي الشأن السوداني.. فإن برلين قد شكلت ممرا مناسبا لتمرير معالجة موضوعية لكسر الاستعصاء الناشب في الشأن السوداني.. حتى إنها لتبدو الفرصة الأخيرة.. بمعنى أنه ليس أفضل من هذا بالنسبة لطرفي النزاع.. الحكومة من جهة.. والمعارضة بكل تصنيفاتها من جهة أخرى.. ولكن ردود الأفعال الراشحة حتى الآن تكاد تشي بأن برلين لن تعدو أن تكون محض فرصة ضائعة أخرى.. وهي جزء من الدائرة المغلقة الملعونة.. ونعني بها أن ما تطرحه الحكومة ترفضه المعارضة.. وما تقبله المعارضة ترفضه الحكومة.. وتتأسس المواقف في أحيان كثيرة على افتراضات خاطئة.. ومن الطرفين على حد سواء.. فما أن تطرح الحكومة مبادرة للتقارب مع المعارضة.. إلا وتنطلق التحليلات من هنا ومن هناك معددة مظاهر ضعف الحكومة وقرب انهيارها مما يدفعها للبحث عن مخرج عبر تلك المبادرة.. وبالنتيجة تتخذ المعارضة أحد موقفين.. إما الرفض الكامل لتلك المبادرة مع التمسك بإسقاط النظام واقتلاعه من جذوره.. باعتباره.. آيلا للسقوط أصلا.. أو المضي قدما في طرح مزيد من المطالب والشروط لقبول تلك المبادرة.. وتمضي عجلة الزمن في الدوران.. أما الحكومة فموقفها ليس بأفضل حالا من المعارضة.. فما أن تلوح في الأفق إرهاصات خطوات يمكن أن تفتح مسارا للتقارب بما يمكن الأطراف من الجلوس على مائدة جادة.. حتى تنطلق التصريحات من هنا ومن هناك رافضة تلك الخطوة.. أيا كان مصدرها.. وبذات الفهم وهو أن ثمة ضعفا يعتري المعارضة وأنها إنما تبحث عن مخرج من أزمتها..! إذاً.. إن كنا نتحدث عن الحلقة الشريرة منذ فجر الاستقلال ونعني بها متلازمة الثورة والانقلاب.. فالحلقة الأكثر شرا الآن.. قراءة كل طرف من طرفي الصراع للمشهد السياسي من زاوية تخصه هو أو تخص من يوجهونه.. ولا تخص الوطن.. وفي ذات الوقت يتمسك كل طرف بشعار يراه مقدسا.. المعارضة شعارها إنقاذ الوطن.. والحكومة شعارها حماية الوطن.. وفي الحالتين.. .....! ولا شك أن الحكومة الآن على علم بتفاصيل ما دار في برلين.. وعلى علم كذلك بالجهود التي بذلت لتليين موقف المعارضة.. وعلى علم أيضا بأن بعض غلاة المعارضين قد لعبوا دورا أساسيا في تعديل مطالب المعارضة.. والنزول بسقفها للحد الأدنى الذي يمكن أن يكون مقبولا للميسرين والوسطاء.. وفي حيز قدرة الحكومة على تنفيذها.. وهذا لا ينفي حقيقة أن بعض المعارضين ما زالوا يفكرون بمنطق أن تفكك الإنقاذ نفسها.. ثم.. تسلمهم مفاتيح الخرطوم.. على طبق من ذهب.. لماذا..؟ لا أحد يعلم..! الإرادة السياسية لدى الطرفين.. حكومة ومعارضة.. في حاجة ماسة الآن لتفكير جديد.. منطق جديد يوجه الأحداث والأشياء والناس.. منطق خلاصته.. ما لن يضير الوطن لن يضيرني..! نقلاً عن صحيفة اليوم التالي 19/3/2014م