توقفت التصريحات الحكومية المصرية عن إجراء الانتخابات البرلمانية قبل شهر رمضان الذي يوافق منتصف يونيو/حزيران المقبل، بعد لقاء رئيس الوزراء (صاحب معظم هذه التصريحات) إبراهيم محلب بالرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث تعرقلت بعد هذه المقابلة جهود الحكومة لإنجاز قوانين الانتخابات بصورة ملحوظة. توضح مصادر حكومية أن محلب بعد لقائه بالسيسي أكد لرئيس اللجنة ووزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي أن "المهم الآن هو عدم تعريض الانتخابات إذا بدأت للتوقف بأي حكم محتمل للمحكمة الدستورية، وهناك قلق كبير من تكرار سيناريو حكم مارس/آذار الماضي الذي أدى إلى تأجيل الانتخابات إلى موعد غير مسمى". واعتبرت المصادر هذه التعليمات إشارة صريحة إلى أن "جودة وضع القوانين الآن أهم من السرعة في الإجراءات، رغم أن هذه القوانين ستجرى بها الانتخابات لمرة واحدة فقط"، وهو ما يدفع أيضا في اتجاه تأجيل الانتخابات. وبمجرد أن بدأت اللجنة في تدقيق تقسيم الدوائر، اكتشفت العديد من العيوب وأوجه القصور التي وصفتها المصادر ب"الفضائح" التي لم يسبق أن اهتمت بها في القانون السابق الذي أبطلته المحكمة الدستورية. أول هذه العيوب التي ترقى إلى مستوى "الفضائح"، وجود بعض الدوائر الناتجة عن تقسيم دائرة إلى دائرتين أو أكثر، لا يعرف على وجه التحديد عدد السكان وعدد الناخبين فيها، مما يعطي دلالة كافية على العشوائية التي وضع بها القانون السابق. وكشفت المصادر أن اللجنة (وهي نفسها التي وضعت القانون السابق) كانت قد تقدمت بعدد من الطلبات للجهات المعنية، مثل وزارة الداخلية ووزارة التنمية الإدارية، لتقديم أرقام صحيحة وحديثة لأعداد السكان والناخبين في الدوائر، لكن طلباتها قوبلت بالرفض، بدعوى أن المعلومات "سرية وأمنية". الأحزاب المصرية الموالية تنتفض ضد "تفخيخ البرلمان" أما "الفضيحة" الثانية التي تكشفها المصادر الحكومية ذاتها، فتتمثل في أن الأرقام التي حصلت عليها اللجنة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أظهرت أن عدد الناخبين أعلى من عدد السكان في بعض الدوائر الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية، وهو ما يعتبر أمرا مستحيلا عمليا ومنطقياً، لأن الطبيعي هو أن يزيد عدد السكان على عدد الناخبين لا العكس. وأكدت المصادر أن هذا يدل على وجود أخطاء عميقة يرتكبها هذا الجهاز في ممارسة عمله الإحصائي وفي حصر تعداد المواطنين، ويلقي بظلال من الشك على الأرقام الرسمية التي يعلنها هذا الجهاز وتتخذ قاعدة لعمل العديد من الجهات الحكومية. مصر: لجنة "قوانين الانتخابات" ترفض تعديل النظام الانتخابي والفضيحة الثالثة أن البيانات التي أعطتها وزارة الداخلية للجنة عن وجود بعض الخصومات الثأرية في بعض الدوائر بمحافظات الصعيد، تستدعي تقسيمها أو دمجها مع دوائر أخرى، قد تبينت اللجنة من خلال التواصل المباشر مع مصادر محلية للمعلومات، خطأ معظمها، وأنها تعود لسنوات وأوضاع سابقة تم حلها أو تغيرها. ورجحت المصادر أن تكون أخطاء وزارة الداخلية في هذا الملف "مقصودة، بهدف إنجاح أو إسقاط بعض المرشحين المتوقعين في الانتخابات بحشد قوة تصويتية وراءهم أو تشتيت جماهيريتهم". وفي سياق متصل، قالت مصادر سياسية مطلعة على ملف الانتخابات إن السيسي أمر محلب بعدم العجلة في وضع القوانين، وأن يتوقف عن إعطاء مواعيد غيبية غير أكيدة لإجراء الانتخابات، تفادياً لتأجيلها مجدداً والإحراج الناتج عن مثل هذه الخطوة، مؤكدا أن أجهزة سيادية اعترضت بوضوح على إجراء الانتخابات قبل أو أثناء شهر رمضان. وأضافت المصادر أن السيسي تلقى أيضا تقارير من جهاز الأمن الوطني تحذر من تحول المساجد خلال شهر رمضان إلى ساحات للدعاية السياسية والحزبية أو لمرشحين مستقلين لهم أفكار دينية، مما يصعب السيطرة عليه خلال شهر رمضان، حيث أوصى الجهاز بإجراء الانتخابات نهاية العام الجاري. فشل تعديل "قانون الدوائر": الانتخابات المصرية لما بعد رمضان؟ بموازاة ذلك، عرض السيسي على محلب توصية بلغته من خلال شقيقه أحمد السيسي، القاضي في محكمة النقض، ومستشاره القانوني مصطفى حنفي القاضي في مجلس الدولة، تفيد بأن الإشراف على الانتخابات خلال رمضان أو في أشهر الصيف عموما سيكون مجهدا للقضاة بشدة، ولن يمكنهم من أداء واجبهم على أكمل وجه من حيث الرقابة على اللجنة من الداخل ومحيطها الخارجي. ولتبرير هذا التوقف المفاجئ للتصريحات المبشرة بقرب الانتخابات، أصدر رئيس الوزراء تعليماته للجنة الحكومية القائمة على تعديل قوانين الانتخابات وقانون تقسيم الدوائر لإعادة صياغة الأخير وإعادة ترسيم بعض الدوائر. المصدر: العربي الجديد 27/4/2015م