قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر أمس الأحد، بعدم دستورية مادة متعلقة بتقسيم الدوائر الانتخابية، ما يؤدي إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة الشهر الجاري. وقضت المحكمة الدستورية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية بمصر، بعدم دستورية نص الماده الثالثة من قانون 202 لسنه 2014 الخاص بتقسيم الدوائر في المجال الفردي ورفض ما عدا ذلك من طعون وهي أربعة طعون مقامة لبطلان قوانين الانتخابات البرلمانية. وقوانين الانتخابات البرلمانية هي قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وقانون الانتخابات. ويؤدي هذا الحكم بالتالي إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في مارس/آذار الجاري ومايو/أيار المقبل. ومن جانبه دعا رئيس اللجنة العليا للانتخابات، أيمن عباس، إلى اجتماع عاجل لدراسة تداعيات حكم الدستورية، حسبما قال عمر مروان، المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات. وأضاف في تصريحات للصحافيين، أن «الحكم الصادر من المحكمة الدستورية اليوم سيحال إلى القضاء الإداري لإصدار حكم فيه ثم يعرض القانون مرة أخرى على لجنة الصياغة لإجراء التعديلات المطلوبة ثم يرفع بعد مراجعته إلى الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) للتصديق عليه». وأوضح المتحدث باسم اللجنة العليا أن «الانتخابات سيتم تأجيلها لحين الانتهاء من تلك المراحل (لم يحدد موعدا بدقة)». وبحسب تصريحات سابقة لإبراهيم فكري المحامي أحد الطاعنين على دستورية القوانين، فإن «قانون تقسيم الدوائر الانتخابية شابه العوار لعدم الالتزام بالتمثيل العادل للسكان، فضلا عن عدم دستورية تحديد 3 مقاعد لدوائر ومقعد لدوائر أخرى، ما يخالف بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص». وقال محمد عبد الوهاب أحد الطاعنين على دستورية القوانين إن «الدعوى ستعاد إلى محكمة القضاء الإداري (تختص في نظر القرارات الإدارية) كي تفصل في الطلبات الأصلية المقدمة في الطعون، وعليه تصدر حكمها بإلغاء قرار رئيس اللجنة العليا للانتخابات بدعوة الناخبين إلى الانتخاب، وسوف تقوم الجهات المختصة بتعديل نص المادة فيما يتفق مع الدستور ثم تعاد إجراءات العملية الانتخابية من جديد». وفي السياق ذاته، قال جمال جبريل أستاذ القانون الدستوري في جامعة حلوان (جنوبي القاهرة) إن «تأجيل الانتخابات بات القرار الواجب اتخاذه من الحكومة بعد حكم الدستورية العليا اليوم». وتوقع أن يستغرق إعداد قانون جديد لتقسيم الدوائر فترة لا تقل عن عام. وأبدى جبريل سعادته بالحكم رغم أنه سيعطل الخطوة الثالثة من خريطة الطريق، مضيفاً: هذا أفضل من انتخاب برلمان ثم الحكم ببطلانه كما في برلمان 2012 (جرى حل البرلمان عقب حكم مماثل للدستورية العليا). وكانت اللجنة العليا للانتخابات في مصر، قالت في بيان سابق، إنها ستقرر تأجيل الانتخابات إذا ما قضت المحكمة الدستورية، بعدم دستورية أي من قوانين الانتخابات، حيث قال القاضي أيمن عباس رئيس اللجنة، في بيان له الأحد الماضي، أن «اللجنة العليا ملتزمة بتنفيذ أحكام القضاء». وأضاف «في حال صدور حكم بعدم دستورية جداول الدوائر الانتخابية الخاصة بالنظام الفردي، فإن اللجنة العليا ستسارع بتنفيذ ما يترتب على الحكم من تعديلات تشريعية، وذلك لإجراء الانتخابات في أقرب وقت، واستكمال المؤسسات الدستورية للدولة». وانتخابات مجلس النواب (المقررة في الفترة بين مارس/ آذار، ومايو/ آيار المقبلين)، هي الخطوة الثالثة والأخيرة في خريطة الطريق، التي تم إعلانها في 8 يوليو/ تموز 2013 عقب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي من منصبه بخمسة أيام، وتضمنت أيضاً إعداد دستور جديد للبلاد (تم في يناير/ كانون الثاني 2014)، وانتخابات رئاسية (تمت في يونيو/ حزيران الماضي). ويبلغ عدد مقاعد البرلمان 567 مقعداً (420 يتم انتخابهم بالنظام الفردي، و120 بنظام القائمة، و27 يعينهم رئيس البلاد)، وفق قانون مباشرة الانتخابات البرلمانية، الذي أصدره الرئيس السابق المؤقت، عدلي منصور، قبل يوم من تولي الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، الرئاسة في 8 يونيو/ حزيران الماضي. من جهته أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس الأحد، توجيهاته إلى الحكومة بسرعة إجراء التعديلات التشريعية اللازمة على قوانين الانتخابات البرلمانية فى مدة لا تتجاوز شهراً. وفي بيان للرئاسة المصرية قالت: «ضماناً لصيانة مؤسسات الدولة من شائبة البطلان، فقد أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي توجيهاته إلى الحكومة بسرعة إجراء التعديلات التشريعية اللازمة على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، بما يتوافق مع الدستور وما تضمنه حكم المحكمة الدستورية العليا، وشدد السيسي على ضرورة تلافي أوجه عدم الدستورية، والإنتهاء من تلك القوانين في مدة لا تتجاوز شهراً من الآن». وأضاف البيان: «كما شدد (الرئيس المصري) على اتخاذ كافة ما يلزم من إجراءات قانونية لتفادي تأخير إنجاز الاستحقاق الثالث (انتخابات البرلمان). وأكد على مراعاة التنسيق بين كافة أجهزة الدولة لإجراء الإنتخابات البرلمانية فى أسرع وقت استكمالاً لخريطة المستقبل التي توافق عليها المصريون». المضصدر: القدس العربي 2/3/2015م