"صفحة جديدة من الوفاق الوطني والسلام"هل يفتحها الرئيس البشير مستهل ولايته الجديدة التي بدأت بالأمس؟ سؤال ثار عقب الكلمة التي ألقاها البشير أمام الهيئة التشريعية بعد أدائه القسم الدستوري رئيساً لولاية جديدة تستمر حتي العام 2010. فقد أطلق البشير تأكيدات علي عزمه مواصلة الحوار الذي كان قد دعا له مطلع العام الماضي وأكد في خطابه أن الحوار الوطني بشقيه السياسي والمجتمعي سينطلق "قريباً" بعد أن اكتملت ترتيباته وحددت آلياته، وأعقب تلك التأكيدات بتجديد العفو عن حملة السلاح "الراغبين بصدق" في العودة والمشاركة في الحوار إذ أن الأبواب لن تكون موصدة أمام القوي المعارضة والحركات المسلحة علي حد قوله. وتعهد البشير بفتح صفحة جديدة من الوفاق الوطني والسلام والحفاظ علي وحدة البلاد شعباً وأرضاً ونبذ الجهويات والحروب، وألا يألو جهداً في حقن الدماء وإحلال السلام في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. واتبع البشير حديثه في البرلمان بتعهدات أخري مساء ذات اليوم وهو يخاطب حفلاً جماهيراً في الساحة الخضراء بالخرطوم حيث تعهد بالعمل علي توفير الأمن والسلام خلال فترة حكمه الجديدة وأعاد البشير حديثه ودعوته للقوي السياسية والحركات المسلحة من أجل الانضمام لمسيرة السلام، وقال إنه سيعمل لجمع أهل السودان وتوحيد كلمتهم "إلا من أبي". وفي أول تعليق لها علي خطاب البشير قالت المعارضة السودانية إنه لم "يات بجديد" وحمل بيان صادر عن تحالف قوي الإجماع الوطني انتقادات لمجمل المفردات التي تناولها البشير وجاء فيه: "أن الخطاب فشل في تقديم معالجات واضحة في قضية الحرب والسلام والعدالة والتنمية الاقتصادية والحوار بين الفرقاء السياسيين في السودان". وجدد بيان التحالف الذي حمل توقيع رئيس لجنة الإعلام "أبو بكر يوسف" شكوك المعارضة بشأن حقيقة الحوار المعلن وجاء فيه: "أن الخطاب يفهم منه مواصلة النظام لرحلة البحث عن حوار ضبابي جزئي وفي أجواء غير ملائمة". مضي إلي القول: "كان الأجدى للبشير أن يعلن مباشرة بقبوله التام لمتطلبات وشروط الحوار الوطني المتفق عليها من معظم المكونات السودانية ويتفق فيها معهم المجتمع الدولي ومن هم ممسكون بملف الحوار كالإتحاد الأفريقي وبعثته رفيعة المستوي والإتحاد الأوروبي ودول الترويكا". من جانبه قال رئيس التحالف فاروق أو عيسي إنه كان من الممكن أن تكون الانتخابات محطة مهمة لتحقيق توافق وطني ومصالحة حقيقية لو أنه تم تأجيلها حتي تحقيق التوافق بدل أن يتم استعمالها لتعميق الانقسامات فيه، لكن أهل الحكم أرادوا له أن يكون يوماً حزيناً" بالرغم من ذلك فإن أبا عيسي لم يغلق الباب أمام إمكانية إجراء حوار وطني في السودان لكنه رد الأمر في ذلك إلي يد النظام فقال: "ليس هنالك مستحيل، العودة إلي الحوار الوطني الجاد والمنتج ممكنة، لكن مفتاحها بيد النظام وليس بيدناً". لكن القيادي في تحالف المعارضة محمد ضياء الدين بدا أشد تشاؤماً وهو يعلق علي خطاب البشير من خلال صفحته علي موقع فيس بوك فقال: إن البشير كرر في خطابه اليوم ذات دعوة خطاب الوثبة ويعلن من جديد العفو عن حملة السلاح للمشاركة في الحوار وتساءل عن الجديد الذي في دعوة الحوار التي أطلقها البشير أمس الأول؟ وأشار ضياء الدين إلي أن فتح صفحة جديدة كان يمكن أن تتم بجملة إجراءات عبر قرارات واضحة تبدأ بإعلان: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمحكومين لأسباب سياسية وكان عليه أن يبادر بإطلاق سراح الأسري وإلغاء القوانين المقيدة للحريات والإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب واحد والإعلان عن فتح ممرات آمنة لإغاثة المتضررين إلي جانب القبول بأن يفضي الحوار لقيام سلطة وطنية انتقالية يحكمها وضع انتقالي كامل بمشاركة الجميع، وأن؟ أحد فوق القانون". أرادها البشير صفحة جديدة لكن المعارضة مازالت تجد أن مفرداتها قديمة مكرورة لا تتسم بالتجديد المطلوب لخطاب الحكومة وحزبها وهو ما يعني أن لا اختراق في موقف الطرفين باتجاه يفضي لتسوية سياسية طالما ظلت الأطراف تتمترس في موقعها ومن خلف مواقعها في ظل احتقان سياسي تصبح وتسمي عليه الساحة السياسية في السودان. نقلا عن صحيفة الرأي العام 4/6/2015م