لا يزال الطريق طويلاً أمام الإصلاح والتغيير وتحقيق معادلة وطنية عبر الحوار في السودان. هذا ما تقوله معطيات الساحة السياسية الآن عطفاً علي مخرجات الاجتماع الثالث للجمعية العمومية للحوار الوطني الذي عقد في العشرين من أغسطس الجاري برئاسة الرئيس البشير في قاعة الصداقة بالخرطوم. الساحة السياسية ما زالت ترتقب تفكيكا عملياً من قبل المؤسسة الرئاسية للملفات الشائكة التي بشر بحل (عقدتها) خطاب الرئيس الأخير. وهي البشري المسبقة التي جاءت منق بل بالدكتور الترابي زعيم المؤتمر الشعبي والسيد الصادق المهدي والدكتور غازي صلاح الدين إلي قاعة الصداقة في يناير 2014م ليجلسوا سوياً بين علي عثمان والدكتور الحاج آدم والدكتور نافع علي نافع في الصفوف الأمامية استماعاً لتلك البشري الرئاسية وطمعاً منهم بأن تجد طريقها إلي أرض الواقع السياسي. نعم قد يقول قائل بأن الساحة السياسية يعتملها الآن كثير تغيير في جملة مشهدها وأن كثيراً من بشرياتها قد بدأت تقترب من ملامسة أشواق المواطن السوداني الذي يرنو إلي دولة يحكمها جميع أبنائها نصاً وروحاً. لن أذهب مذهب السياسيين بمختلف ميولهم الفكرية والسياسية في تشخيصهم للواقع السياسي للبلاد، وإضفاء أجندة علي لغة خطابهم، فلن أميل كل الميل وأذرها علي شاكلة (السودان مستهدف منق بل العلمانيين) أو أشتط وأذهب بفشل (التجربة الإسلامية) في السودان. دعونا سادتي نذهب مذهب جد ونقولها بتجرد بأن الجميع الآن أمام امتحان (وطني) حقيقي يقتضي تغليب الخيار الوطني علي الذاتي. الحزب الحاكم مطالب ببسط يديه لمزيد حريات وتقديم تنازلات أكثر لإثبات حسن نواياه السياسية، فتغيير الوجوه وإن عظمت لن يغني من التغيير في شي إن لم يستصحب ذلك تغييراً في العقلية التي تدار بها الدولة. المعارضة وبقية القوي السياسية الأخرى مطالبة كذلك وعلي طريقي الأمة والشعبي بتناسي جراحات الماضي السياسي الذي يجعل من (فن الممكن) بوصلة له. الواقع يقول إنه وبعد مرور قرابة العامين من خطاب الرئيس (الوثبة) حول الحوار الوطني إن الطريق لا زال طويلاً في سبيل الوصول لنقاط التقاء بين فرقاء الساحة السياسية السودانية وإن الوقت لا زال باكراً للحديث عن الوصول لنقاط التقاء ناهيك عن اتفاق، فخارطة طريق الحوار الوطني نفسها تحتاج الآن لخارطة طريق أخري تخرجها من دهاليز وظلمات الأدراج. فالخارطة لا زالت حبيسة الأدراج في انتظار من يزيل عنها الغبار توطئة لإعادة تقديمها بشكل أفضل تتقدمه الجدية والالتزام القاطع بإنفاذ بنودها حرفياً حتي لا نظل في ذات الحلقة نذهب ونأتي ثم يمضي القطار بمن حضر..! الشعب السوداني يرتقب الآن العاشر من أكتوبر القادم وينتظر مخرجات المؤتمر العام للحوار الوطني. يترقب ذلك ويأمل بأن يؤمن الجميع أن الحوار هو المخرج الأساسي للوصول إلي كلمة سواء والتراضي في حكم البلاد، لنطوي سوياً صفحات سوداء من تاريخ هذه البلاد التي تأخرت عن ركب النهضة والتقدم كثيراً بفعل تشرذم واختلاف بنيه. نقلا عن صحيفة الصيحة 2/9/2015م