قالت ناطقة باسم حركة عبدالواحد محمد نور المتمردة في دارفور أن الحركة التي وافقت مجبرة – على حضور مفاوضات الدوحة المقرر لها شهر ديسمبر المقبل ربما تطرح حق تقرير المصير استناداً الى حدود 1916!! وبررت المتحدثة باسم الحركة وتدعى أفراح طلب تقرير المصير بما أسمته استمرار سياسات الحكومة السودانية غير الجادة في حل أزمة دارفور. ولعل هذا السهم الذي جادت به كنانة حركة عبدالواحد هو السهم الأخير لها، فالحركة حالها الحالي يغني عن سؤالها، اذ أن زعيمها عبدالواحد، ركن إلى حياة الرغد والراحة في الريفيرا الفرنسية وسلم كل أوراقه للسلطات الفرنسية المرتبطة بدورها بالكيان الصهيوني والذي نجح في دفع عبدالواحد – ولأول مرة في تاريخ السودان – لفتح مكتب تمثيل بشكل رسمي في تل أبيب، وقد تمزقت حركة عبدالواحد إلى عدد من الحركات حتى تلاشت على الأرض ولم يتبق منها سوى بعض المجموعات القليلة التي تعاني الأمرين حيث لا دعم لوجستي يصلها ولا قائد يتفقدها ويشد من أزرها، بعد أن أستهوت القائد حياة الدعة والراحة في باريس. وتقول مصادر قيادية سابقة بحركة عبدالواحد أن آخر ما تبقي من مؤيدين لحركة عبدالواحد هم قلة قليلة من النازحين في بعض معسكرات شمال دارفور، وحتى هؤلاء تبدلت قناعات الكثيرين منهم في الآونة الأخيرة للدرجة التي أغرت الموفد الأمريكي الخاص إلى السودان سكوت غرايشن لنصحهم بأن (يبحثوا لهم عن زعيم جديدخلاف عبدالواحد، اذا أرادوا لقضيتهم أن تحل)! وبالطبع لا يمكن لمثل رجل كغرايشن أن يلقي قولاً على عواهنه، اذ من المؤكد أن حديث غرايشن مبني علي معلومات وقراءات واقعية عميقة حيث اتضح جلياً أن عبدالواحد غائب عن المسرح الدارفوري تماماً منذ سنوات ولم يعد فاعلاً ولا ينتظر أن يصبح فاعلاً على المدى القريب أو البعيد . ويعكس تصريح القيادية المشار إليه أعلاه بطلب حق تقرير المصير ما يمكن وصفه بالإفلاس السياسي لحركة عبدالواحد التي ظلت تضع الشروط والعراقيل أمام إمكانية التفاوض ولما لم تجد شيئاً لا يصلح للتفاوض، خرجت بمقترح تقرير المصير، وما من شك أن من المستحيل تماماً أن يكون طلب كهذا قابلاً للتفاوض، اذ أن دارفور وأياً كانت طبيعة الأزمة التي تعانيها، لا تعاني أزمة هوية أو أزمة ثقافية تحتم ضرورة إفساح المجال لأبنائها لاختيار الانفراد بدولة كما هو الحال بالنسبة لجنوب السودان، وبذات المقترح بشكل أو آخر تفوح منه رائحة صهيونية واضحة فالإسرائيليين هم من يسعون لإضعاف الدول المحيطة بهم، وأهمها السودان، فما بين فصل جنوب السودان ومحاولة فصل دارفور يكمن المكر الصهيوني الساعي إلى إيجاد دويلات سودانية ضعيفة يستطيع الكيان الإسرائيلي السيطرة عليها – وعلى كل فان الأمر المثير للطمأنينة أن حركة عبدالواحد لم تعد موجودة على الأرض وهي بهذه المثابة لا تملك ما تفرض به رؤيتها في أي مفاوضات بعد أن فقدت أي أمل في أن تقف قوية على قدميها !