لا ينفصل سيناريو عزل عبد الواحد محمد نور عن قيادة حركته وتولى قيادة جديدة للحركة لمقاليد الأمور فيها والذي أكدته مصادر عديدة متنوعة لا ينفصل عن سيناريو عزل عبد الواحد بواسطة الموساد الاسرائيلي والحكومة الفرنسية عن لعب دور سياسي جاد ومخلص لقضية دارفور. فقد كان هدف الموساد الاسرائيلي حين جرجر خطوات وأرجل عبد الواحد واستدرجه حتى أوصله الى مرحلة فتح مكتب علني باسرائيل هو أن يستفيد من أزمة دارفور سياسياً واعلامياً ليغطي على جرائم اسرائيل في الأراضي المحتلة، وفي ذات الوقت (يفصل) عبد الواحد عن قضايا أهله الحقيقية في دارفور القابلة للحل في الاطار السوداني وبالمعطيات والمناهج السياسية الوطنية في السودان. بمعنى أوضح فإن عبد الواحد بدأ نموذجاً مثالياً لسياسي شاب عديم خبرة لا يخلو من اندفاع وانسياق أعمى وراء الأضواء والبريق والأيدلوجيا، وهو بهذه الصفة يصلح لكي يتم جرّه بعيداً عن الحلول المتوقعة لأزمة دارفور، فالكيان الصهيوني يعلم أن أي مفاوضات لحل أزمة دارفور سوف تعيد الامور وتردها الى الطابع السوداني الوطني، بقيم الدين وأعراف القبائل المسلمة وتقاليدها وهذا بالطبع لن يفيدها في شئ فالكيان الاسرائيلي لن يجد سهولة في التعامل مع حملة سلاح لديهم إيمان بالدين الاسلامي، والقيم الحضارية للاقليم كما لن يربح شيئاً من وراء تعامل مع أناس كهؤلاء لأنهم – ببساطة – لن يكونوا حصانهم الرابح للولوج الى عمق الاقليم ووضع أيديهم فيه تمهيداً للاستفادة منه مستقبلاً. اذن اختيار عبد الواحد ليكون (مندوب تل أبيب) بشأن دارفور وفي ذات الوقت (مندوب باريس) لم يأت اعتباطاً فقد ظهرت عليه الأمارات والعلامات المطلوبة، وفي مثل هذه الحالات فإن الورقة يتم الاحتفاظ بها لمرحلة لاحقة وليس الآن، وربما لهذا السبب ظل عبد الواحد في كل مفاوضات تعقد يرسل شروط تعجيزية مفارقة تماماً للمنطق والمعقولية، ويتعنت، فهو لا يريد تفاوض لأن الذين خلفه لا يريدون تفاوضاً، هم يريدونه في (مرحلة ما) لأداء غرض ما، وهذا ما جعل رفقائه الميدانيين الذين هم المكتوين بنيران الحرب وشمس الصحراء الحارقة والثعابين والعقارب وقلة المؤونة، وبؤس الحال جعلهم يقررون عزله عن القيادة، وينصبون بديلاً له، فقد أدركو أن قائدهم أدمن حياة الدعة والراحة والحياة المخملية المحاطة بسياج استخباري عصي، يصعب عليه القفز فوقه حتى ان (تاب توبة سياسية نصوحة)، ولعل قادة حركة عبد الواحد الميدانيين (فهموا) بعد طول مدة الرسالة التي أرسلها الموفد الأمريكي الخاص الى السودان (سكوت غرايشن) لمن لا يزالوا يراهنون على عبد الواحد من المقيمين بالمعسكرات والنازحين حين قال لهم قبل اشهر – بصراحة جارحة – أبحثوا عن قائد جديد ولم يكشف لهم عن سر هذا البحث والتغيير فغرايشن – بالطبع – يفهم معنى وقوع عبد الواحد في حضن الموساد!!