سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زيارة المملوك السرية للقاهرة هل هي احد اسباب الجمود في العلاقات المصرية السعودية وعدم وصول قوات مصرية الى اليمن؟ وهل تمهد هذه الزيارة لعودة السفير المصري الى دمشق؟ ولماذا اجل العاهل السعودي زيارته للعاصمة المصرية؟
تتجه السلطات المصرية الى بلورة سياسة اقليمية مستقلة في محيطها الجغرافي بشكل تدريجي، خاصة فيما يتعلق بالملف السوري، يؤكد تباعدها عن دول الخليج الداعمة لها، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، وربما هذا ما يفسر الغاء او تأجيل الزيارة الرسمية التي كان من المقرر ان يقوم بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الى القاهرة بعد عودته من واشنطن، حيث فضل الطيران الى طنجة المغربية حيث كان يقضي اجازته، ومنها الى الرياض مباشرة. السلطات المصرية، ومنذ الاطاحة بالرئيس المنتحب محمد مرسي، ووصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى كرسي الرئاسة، نأت بنفسها كليا عن المواقف العدائية تجاه الرئيس السوري بشار الاسد، واحتضنت المعارضة السورية الليبرالية واليسارية، واستضافت لقاءات لها في القاهرة، بدعوة رسمية من وزارة الخارجية، وتحت اشرافها، وحرصت على ابعاد حركة الاخوان المسلمين السورية من المشاركة فيها، ووقفت خلف قرار جامعة الدول العربية بعدم اعطاء مقعد سورية للائتلاف الوطني السوري المدعوم من دولة قطر والمملكة العربية السعودية. الزيارة غير المعلنة التي قام بها اللواء المملوك رئيس مجلس الامن القومي السوري الى القاهرة، في الثلث الاخير من الشهر الماضي، ولقائه مع الرئيس السيسي، وقادة الجيش والاجهزة الامنية، تأتي خطوة كبيرة نحو التقارب وعودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين دمشقوالقاهرة، وهي عودة ربما تكون وشيكة للغاية. زيارة الرئيس السيسي الى موسكو الشهر الماضي تزامنت مع زيارتين للعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، وولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد، اسست لانطلاق محور عربي روسي جديد ينسق في القضايا الاقليمية والسورية خصوصا، في موازاة المحور الامريكي السعودي التركي، ولعل هبوط طائرتين روسيتين في مطار اللاذقية تحملان مساعدات عسكرية لسورية، وتكثيف روسيا لدعمها للنظام السوري، تأكيد لالتزام هذا المحور بدعم الرئيس السوري، وتثبيت شرعيته، في وقت تشن المعارضة السورية الاسلامية المسلحة ضربات قوية ضد النظام، وتعزز سيطرتها على المدن التي استولت عليها، وباتت تقف على ابواب العاصمة السورية، بفضل الدعم السعودي التركي القطري الامريكي. من الواضح ان اللواء علي المملوك الذي زار جدة والتقى ولي ولي العهد السعودي، بوساطة روسية، بات الرجل القوي الذي يمثل الرئيس الاسد في المهمات العسكرية والامنية الصعبة، ويحظى في الوقت نفسه بثقة القيادة الروسية، الامر الذي يوحي باحتمال اقدامه على القيام بمهمات اخرى في الايام والاشهر المقبلة. مؤشرات كثيرة توحي بأن المعادلات السياسية والعسكرية المتعلقة بالمشهد السوري، وترسخت منذ بداية الازمة قبل خمس سنوات، بدأت تتغير تدريجيا، وبشكل متسارع، وابرز اوجه هذا التغيير بروز الدور المصري الروسي على حساب الموقفين السعودي والتركي. العلاقات المصرية السورية في طريقها للتحسن، وعلى حساب العلاقات المصرية السعودية التي بدأت تدخل مرحلة من البرود، انعكست في الموقف السعودي الذي عرقل انشاء القوة العربية المشتركة التي كانت تتنباها مصر بدعم من الاردن والامارات العربية المتحدة، والرد المصري بعدم ارسال قوات برية مصرية الى اليمن، وتأكيد العميد احمد عسيري المتحدث باسم "عاصفة الحزم" هذه الحقيقة، ونفي وصول جندي مصري واحد الى مأرب، حيث مقر القوات البرية التي تستعد لمعركة صنعاء في حال فشلت جهود الوساطة السلمية الاممية. مصر الرئيس السيسي تعاني من عقدتين اساسيتين: الاولى قطر، والثانية "الاخوان المسلمون"، وهناك ارتباط وثيق بين الاثنتين، وكلاهما يشكلان قاسما مشتركا للتقارب مع سورية وموسكو، والابتعاد عن المملكة العربية السعودية، التي فضلت في عهد الملك سلمان ان تقف في الخندق التركي القطري للتعاطي مع العديد من قضايا المنطقة، وعلى رأسها ملف الازمة السورية، وازدياد النفوذ الايراني في سورية والعراق ولبنان واليمن. القلق الامني هو المسيطر على جميع الاطراف في الخندقين، ولهذا فان اللواء علي المملوك هو رجل المرحلة السوري على الاقل. المصدر: رأي اليوم 13/9/2015م