ب «دم انفصالي بارد» أخرج مارتن ماجوت ياك، سكرتير التنظيمات الجماهيرية والفئوية كثيراً من الهواء الساخن وهو يتحدث للزميلة هنادي عثمان في حوار اتسم ب «وضوح جارح» انتهجه الرجل فى إجاباته على الأسئلة المهجسة بمستقبل جنوب السودان المتأرجح بين الوحدة والانفصال. ماجوت قال إن قادة الحركة الشعبية يدعمون الانفصال دون أن يستثنى منهم أحد، وبعبارات حملت قدراً غير يسير من اللؤم بعث ماجوت الذى عمل سكرتيراً لحملة سلفاكيرالانتخابية برسائل للراغبين فى الوحدة تقول ان (حلم الجيعان عيش). ومضى ماجوت فى استلافه لمفردات من صميم ثقافة (اقنعوا) على شاكلة (فات الأوان) الأمر الذى جعل من قضية الوحدة (أشواقاً) و(أمانٍ) فى مخيلة الحادبين على مستقبل السودان الموحد، كما أن ماجوت لم يضع خاطراً للقوى المحلية والإقليمية والدولية التى ما زالت (عشمانة) فى أن تبقى بلادنا موحدة. اخطر إفادات ماجوت الموغلة فى (المساخة) كانت تقول إن الانفصال قادم وإن الجنوبيين لن يتركوا ولا (جالون بنزين) للشمال - دي آخرة العشرة - !! والحوار على ما فيه من (مساخة) جسد الى حد كبير مقولة (المفارق عينو قوية). سكرتير سلفاكير تحدث فى الحوار بلا مواربة، ولم يجامل الشمال بعبارات السياسة الفضفاضة، بل كان قاسياً جداً وهو يحرك الافادات فى مواضع الوجع التاريخي للخريطة السودانية. حديث ماجوت وعلى الرغم من حدته ومجافاته ل (الاتيكيت السياسي) عبر عن قناعة المستشارين الذين يقفون خلف قرارات سلفاكير، فالرجل لم يجنح الى استخدام اي مساحيق تجمل وجه القادم الكالح، وهو يشير إلى أن نسبة التصويت للاستفتاء ستكون أكبر من النتيجة التي أحرزتها الحركة فى انتخابات جنوب السودان. الحركة من جانبها لم تعلق على التصريح الذى أوردته هذه الصحيفة الثلاثاء الماضي، وشيع فيه مستشار سلفاكير الوحدة الى مثواها الاخير بمقابر الاستفتاء، وقد كان متوقعاً أن يمر مثل هذا الحديث دون مساءلة أو اعتذار، خاصة وانه لم يعرف عن الحركة أنها زجرت اياً من منسوبيها وطالبته بمراعاة مشاعر اهل الشمال - قبل الشريك - أثناء الحديث عن مستقبل الجنوب. كما انه لم يعرف عن قيادة الحركة السعي لتوحيد الخطاب السياسي حول مستقبل السودان الأمر الذى أربك المسرح السياسي كثيراً وجعلها تتحدث بأكثر من لسان فى قضايا حساسة وحاسمة. على القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني استجلاء المواقف الحقيقية للحركة إزاء قضية الوحدة وقد باتت أكثر وضوحاً خلال المرحلة التى أعقبت الانتخابات تحديداً، وليس عيباً أن يكون هناك اتفاق على مستوى أجهزة الحركة الداخلية على (الطلاق البائن) بينونة دولية، ولكن الخطر فى الاختباء وراء شعارات براقة تجعل فى الناس بعضاً من عشم قبل أن يستيقظوا على هول الانفصال. من المهم أن تراجع الحركة أو تتراجع عن تصريحات (حلم الجيعان) و(فات الأوان) لأن فى تصعيد مثل هذه النبرة إعلاناً مبكراً لانفصال يتعارض مع اتفاقية السلام التى تدعو للبحث عن الوحدة حتى آخر رمق!! واذا كان المسؤولون على مستوى مستشار سلفاكير يتحدثون بهذه (المساخة)، فلماذا يلام المهندس الطيب مصطفى صاحب «الانتباهة»، على قناعات خاصة يكتبها بقلم مراقب ولا يقررها بلسان مستشار..؟ ولماذا يصبح الحديث عن الانفصال (تهمة) فى الشمال، بينما يكون (بطولة) فى الجنوب تستوجب منح الأوسمة والأنواط؟!. ومثلما نطالب البعض بعدم الغلو فى المجاهرة بالدعوة للانفصال، فإننا ندعو الحركة الشعبية للتخلي عن مسك العصا من (النصف)، وإسكات الأصوات التى تثبط همم المتطلعين إلى سودان موحد، وحثها على تأجيل الاحتفال بالانفصال الى ما بعد الاستفتاء!! نقلا عن صحبفة الراي العام السودانية 20/5/2010م