حوار مطول اجرته صحيفة الرأي العام السودانية مع القيادي بالحركة الشعبية مارتن ماجوت ياك خلص فيه الرجل الى حتمية الانفصال. وكال الرجل واسرف في كيل الاتهامات للشمال، ولم يخل حديثه عن (نبرة غبن وضغينة دفينة) جعلته يقول انه لن يترك ولو (جالون بنزين واحد للشمال) وكأن الشمال كان (يستجدي) الجنوب ليمنحه نفطه، أو لكأن الجنوب قطعة وقعت من كوكب المريخ ولم يكن بل ولا يزال جزءاً من بلد واحد، فالأمر المؤسف هنا أن قيادي كبير كهذا (يظهر بهذا المظهر الضغائني، والوجه السوداوي الكالح) وكأن الشمال السوداني – أياً كانت مشاعره تجاهه – بلداً محتلاً غاصباً. والأكثر اسفاً وايلاماً أن ياك هذا رغم كونه قيادي بارز وعمل في كل من كندا ومصر، وأدار مكتب زعيم الحركة الا انه وفي كل ما قاله في حواره المطول هذا لم يستطع – ولو بأدنى درجات المنطق – أن يسوق أسباباً (مقنعة) حتى للسُذج والبسطاء بضرورة الانفصال ومساوئ الوحدة. اذ أن المنطق يقتضي انه وطالما ان قيادي كبير مثله يبشر ويدعو للانفصال وأنه (بات واثقاً) من حتمية هذا الانفصال. أن يسوق أسباباً لذلك، اذ ليس من المعهود أن يطلق القادة والساسة المسؤولين القول على عواهنه. لم يقل لنا السيد ياك هل اقليمهم الجنوبي هذا الذي حكمته حركته منذ اكثر من (5) سنوات يمتلك أدنى أساس للدولة، وقد تهرب الرجل وراوغ في اجابته على هذا السؤال فهو يدرك أن (مليارات الدولارات ) ذهبت الى حسابات مصرفية خاصة في الخارج (لحماية الحركة) وهو يدرك ان المانحين الاوروبيين والاميريكيين أحجموا تماماً طوال السنوات ال(5) الماضية عن تقديم دعومات مالية تذكر للجنوب السوداني بعد أن هالهم ما رأوا من تكالب وتسابق محموم من قادة الحركة لملء جيوبهم بالمال، والدول التي قدمت بعض المال ندمت عليه اشد الندم فدولة النرويج مثلاً قدمت حوال (235) مليون دولار لانشاء مشافي وبناء طرق ولكنها (تفاجأت) مفاجأة صاعقة أن المال (ذاب)!! وحتى الآن لا يعرف أين ذهب. وادارة أوباما حاولت اصلاح ما يمكن اصلاحه من البني التحتية في الجنوب ولكنها وجدت قادة لديهم ولع ونهم شديدين للمال، بل ورد في تقرير كتب عليه (سري للغاية) لادارة أوباما من قبل مسؤولين اميريكيين أن قادة الحركة هؤلاء – دون استثناء – يصعب أن يعهد لهم بادارة دولة مستقلة سواء لانتشار الفساد المريع فيما بيهم او للخلافات المتجذرة فيهم او لوجود صراعات قبلية معقدة هم جزء أساسي منها وهذا ما جعل ادارة اوباما – حتى الآن – حائرة في شأن الجنوب السوداني غير واثقة من امكانية وجود دولة مستقلة فيه. ولعل القيادي ياك لم يشأ الحديث عن الدعومات المالية – مات الملايين من الدولارات – التي قدمتها الحكومة المركزية في الخرطوم لتنمية الجنوب بعيداً عن عائدات النفط كما يشأ الحديث عن الاستقلال المبهر الذي وجده الرئيس البشير لدى زيارته الجنوب قبيل الاستحقاق الانتخابي واخيراً لم يقل لنا ياك كيف سينفصل اقليم ليست لديه شرطة ولا قضاء، ولا اقتصاد حقيقي بل ولا جيش نظامي وهو محاط بحوالي (9) دول!! ويعاني معاناة ما بعدها معاناة من هجمات عصابات جيش الرب والآن امامه تحدي جديد يتمثل في تمرد خطير يقوده جنرال من الجيش الشعبي وصل مؤيديه الى حوالي ال(85) الف جندي؟!