لو أن كبير مساعدي الرئيس السوداني السيد مني أركو ميناوي دافع بضراوة وبموضوعية عن حركته وحدها وقال انها لا صلة لها بالكيان الاسرائيلي ولا تنفذ أجندة خاصة بهذا الكيان في دارفور، لربما قبلنا هذا الدفاع في إطاره السياسي المحدد، وضمن نطاق الزود عن حياض الحركة، وابعاد شبهات الارتباط بالصهاينة كأمر شنيع ومنكور في القواعد والتقاليد السياسية السودانية والدارفورية على وجه الخصوص. ولكن ميناوي، قطع بأن كل الحركات الدارفورية لا علاقة لها باسرائيل ولا تسعى لخدمة أجندتها في دارفور وتحدث ميناوي – في هذا الشأن – بقدر كبير من السخرية نافياً عن الحركات الدارفورية المسلحة تهمة العمالة لاسرائيل وكونهم يسعون لمعاونتهم لاستخراج البترول واليورانيوم من دارفور. وما من شك أن ميناوي الذي قال ما قاله هذا في لقاء جماهيري بمدينة زالنجي غربي السودان ربما كان يحاول أن يستميل – بصورة أو بأخرى – الحركات الدارفورية المسلحة الرافضة للسلام، أو بالأحرى يحاول (مغازلتها) ولكن – للاسف الشديد – فإن الرجل لم يتوسل بالوسيلة الصحيحة، ذلك أن من ما بات معروفاً عن الحركات الدارفورية المسلحة خاصة حركتي خليل وعبد الواحد ارتباطها الوثيق باسرائيل، هذا أمر يدركه الآن حتى صغار السن في دارفور ومن لم يشبوا بعد عن الطوق، فعبد الواحد محمد نور – ان لم يكن يعلم بذلك ميناوي – لديه مكتب مفتوح علناً في قلب الكيان الصهيوني، إفتتحه بنفسه وسط ابتهاج وتصفيق قادة معروفين في الكيان الصهيوني، ومضى عبد الواحد لأكثر من ذلك ليعلن الأمر بنفسه في كافة المحافل تحت زعم فتح باب اللجؤ لأهل دارفور في اسرائيل!! ومن البديهي أن عبد الواحد لم يفعل ذلك بارادته الخاصة، ولصالح أهل دارفور أو لصالح حركته وإنما فعل ذلك لصالح الكيان الاسرائيلي الذي يرمي الى الحصول على (شئ ما) من دارفور – أما د . خليل فعلاقته باسرائيل تختلف فقط عن علاقة عبد الواحد في كونها تمر بعدة محطات، تبدأ بتشاد التي ترتبط بعلاقة وثيقة معروفة بفرنسا والتي ترتبط بدورها باسرائيل نظراً الى أن الرئيس ساركوزي ووزير خارجيته برنر كوشنير جيل معروف ضمن أجيال ظهرت مؤخراً في أوروبا، كان يجري الاعداد لها منذ سنوات لكي تقود دولاً أوروبية مؤثرة تحقق مصالح الدولة العبرية. وقد ظل د. خليل لسنوات يتسلم شحنات أسلحة تاتي لمدينة أبشي التشادية عن طريق طائرات شحن فرنسية قادمة من اسرائيل. ان المهم هنا بالنسبة لما قاله ميناوي أنه وبدلاً من أن يدعو رفقائه هؤلاء لاتخاذ أجندة وطنية مخلصة بعيدة عن الارتباط بالأجنبي وبالذات اسرائيل، سارع بنفي التهمة المثبتة واصبح ملكياً أكثر من الملك. ولعل السيد ميناوي يعلم أن احدى أهم عناصر تعقيدات الأزمة في دارفور ذيولها الأجنبية الصارخة هذه وتوغل اسرائيل وحلفائها في عمق الأزمة، وعرقلتهم للحلول والغريب أن ميناوي الذي قاتله د. خليل من قبل بضراوة في قريضة وكاد أن يقضي عليه يحاول الآن – وبالمجان – الدفاع عن هؤلاء الذين يعتبرونه هو نفسه عدواً لهم.