بات الموقف السياسي والجماهيري للحركة الشعبية – سواء في جنوب السودان، أو السودان كله على المحك، ببداية ظهور منافسين سياسيين للحركة من المنتظر أن يهزوا المقعد الذي تجلس عليه الآن. فقد رشح حزب الحركة الشعبية (التغيير الديمقراطي) رئيسه الدكتور لام أكول لرئاسة حكومة جنوب السودان، وهو ترشيح يعكس فرط ثقة حزب التغيير الديمقراطي بنفسه وبمرشحه وجماهيره، إذ أن الترشيح استبق حتى ترشيح الحركة الأم لمرشحيها لرئاسة حكومة الجنوب، وكما هو معلوم فان الحركة الشعبية بزعامة الفريق كير ظلت ولا تزال حتى هذه اللحظة تتحاشى تحاشياً تاماً التعرض لقضية المرشحين من جانبها سواء للرئاسة على المستوى القومي، أو رئاسة حكومة الجنوب، وقد انعقد المكتب السياسي وانفض عشرات المرات، دون أن يتعرض لقضية ترشيح مرشح للرئاسة وكانت مرة واحدة فقط، خرجت فيها تصريحات بأن الفريق كير هو المرشح الرئاسي للحركة، غير أن الفريق كير ومدير مكتبه وبعض القريبين منه سارعوا بنفي هذه الحقيقة ومن حينها لم يجر أي حديث عن الترشيح حتى هذه اللحظة. إذن استباق حزب التغيير الديمقراطي للحركة يعني ببساطة شديدة أن حركة التغيير الديمقراطي (لها حسابات جيدة وقراءة موضوعية) لطبيعة المعادلة السياسية في الجنوب، وهي بهذا الموقف امتلكت زمام المبادأة وتود أن تجبر الحركة الشعبية إجباراً للإعلان عن مرشحها والمصيبة أن الحركة الشعبية لن تكون فقط مضطرة للإعلان عن مرشحها وبسرعة، ولكنها مضطرة للإعلان عن (مرشح كفؤ) بإمكانه منازلة الدكتور أكول، وتكون موصفاته أعلى أن لم تكن مساوية لمواصفات الدكتور أكول وإمكانياته وخبراته السياسية، وإذا قدمت الحركة الشعبية مرشحها الأوحد زعيمها الفريق كير لرئاسة حكومة الجنوب فهي بذلك تكون قد أعطت المرشح أكول زخماً ووزناً جيداً للغاية لأنه سيكون معادلاً في المنافسة لزعيم الحركة، وربما يدفع الموقف جماهير حركة التغيير الديمقراطي – تحت وطأة هذه المنافسة – لزعزعة جماهيرية زعيم الحركة وربما التغلب عليه وهذا أن حدث فسوف يقضي على الدور التاريخي للحركة وقيادتها كونها عرضت هيبتها لمنافسة صعبة ما كان من احد يضعها في الحسبان. أما إذا قدمت الحركة الفريق كير مرشحاً رئاسياً، فان كل من تبقي من قادة الحركة بعد الفريق كير لمنافسة د. أكول في رئاسة حكومة الجنوب لن يصمدوا طويلاً أمام المنافسة في ظل إرهاصات مؤكدة تشير إلى احتمال قيام تحالف عريض ل (8) أحزاب جنوبية من بينها حزب التغيير الديمقراطي لخوض الانتخابات. أن هذا الواقع الجديد بالنسبة للحركة الشعبية إنما نتج جراء أخطاء إستراتيجية وقعت فيها الحركة منذ البداية باستهانتها بالأحزاب الجنوبية واعتقادها الخاطئ أنها تسيطر على الأوضاع وتملك القوة ولا حاجة لها لاسترضاء أحزاب، أو استمالتهم ، فهل تصمد الحركة الشعبية في هذه المنافسة التي بانت نذرها أم تكف نفسها شر القتل والقتال وتقدم على فصل إقليمها قبل الاستفتاء من جانب واحد؟!