تدهورت الأحوال الأمنية في جنوب السودان بصورة تثير كثيرا من القلق علي مستقبل الاستفتاء المزمع قيامه في ابريل 2011 والذي نصت عليه اتفاقية السلام الشامل. وقد شهد الجنوب اشتباكات عنيفة وانقلابات امنية بصورة تختلف عن السابق بعد اعلان نتائج الانتخابات التي اجريت في أبريل الماضي حيث برزت قوة متمردة جديدة بقيادة الجنرال جورج أطور المرشح المستقل لوالي ولاية جونقلي والذي بدأ تمرده بعد رفضه لنتيجة الانتخابات التي جاءت في غير صالحه. وكان جورج أطور قد تمرد في 16 مايو ضمن الكتيبة 105 و 104 بتوريت وأدي القتال الذي يدور بين قوات أطور والجيش الشعبي لمقتل اكثر من 186 شخصا وعدد كبير من الجرحي بمنطقة ميانق جنوب خور فلوس وقال أطور انه سيستمر في القتال اذا لم تتم الاستجابة لمطالبة والتي تتركز علي تشكيل حكومة انتقالية تضم كافة القوي السياسية الي جانب المرشحين المستقلين للاشراف علي الاستفتاء كما طالب أطور بالغاء نتائج الانتخابات وحذر من اندلاع حرب اهلية شاملة في حالة عدم الاستجابة لمطالبة وعلي اثر ذلك وجه الجيش الشعبي اتهاما للحكومة بدعمها لأطور وذلك بالترتيب لنقله بطائرة من مكان تواجده بفلوس بمنطقة أعالي النيل في حين نفت الحكومة علي لسان مندور المهدي ما حدث وقال ان حزبه ليس لديه مصلحة في استشراء العنف في الجنوب فيما هدد اللواء كوال ديم قائد الجيش الشعبي بحسم أطور عسكرياً. وعلي الرغم من تقليل قيادات نافذة بالحركة الشعبية من خطورة هذا التمرد الا ان وزير شؤون الجيش الشعبي قد اعترف في تصريحات صحفية بتردي الأوضاع الامنية بالجنوب واتهم المؤتمر الوطني بأنه السبب في ذلك باستخدامه مليشيات الدفاع الشعبي من قبيلتي الرزيقات والمسيرية بتعطيل اجراءات الاستفتاء علي تقرير المصير متهما تلك المليشيات بقتل سرية كاملة من الجيش الشعبي في منطقة بلبلة بدعم من مدفعية وطيران القوات المسلحة. وفي تصعيد اخر للاوضاع قامت مجموعة تسمي نفسها مجموعة (الكوبرا) باقتحام معسكر الجيش الشعبي بمدينة البيبور بولاية جونقلي ودارت اشتباكات عنيفة بين القواتين أدت الي مقتل اثنين وجرح اخرون واستولت المجموعة المهاجمة علي معدات عسكرية ولاذت بالفرار حيث أعقب ذلك حملة اعتقالات واسعة بين مواطني البيبور كما أشارت بعض المصادر بأن قائد المعسكر بعد انسحاب القوة المسلحة صدر تعليمات بحرق المنازل حول المعسكر عقابا لتستر المواطنين علي الهجوم الذي نفذته القوة علي المعسكر وقام بضرب المواطنين. الا ان الحركة الشعبية التي ظلت دوما تطلق العنان للجيش الشعبي لبفعل ما يشاء من انتهاكات الا أنها الان اصبحت تبدي مخاوفها من التمرد الجديد وحسب مارشح من أنباء فان الحركة قد أتت بوساطة لاثناء أطور عن تمرده الا ان أطور اشترط تكوين لجنة يترأسها الفريق سلفاكير ميارديت. ويري المحللون أن الامور تبدو في الجنوب كارثة في وقت حرج من تاريخه الذي يحدد تقرير مصيره فالاجواء غير مبشرة والجيش الشعبي يقاتل بعضه البعض في ظل تصاعد المواجهات القبلية. استفتاء مزيف تقدمت بالسؤال للخبير العسكري محمد بشير سليمان حول امكانية اجراء الاستفتاء في جنوب السودان وخروجه بالنتيجة المرجوة في ظل الوضع الماثل في الجنوب والذي أكد في حديثه ل(التيار) أن الاستفتاء الذي سيجري في يناير القادم لتقرير مصير الجنوب وحدة أم انفصال هو من أخطر مراحل التاريخ وسيواجه بكثير من التعقيدات والمشاكل لأن انفصال الجنوب يعني تغيير كثير من السياسات والاستراتيجيات علي البنية المحلية والاقليمية والدولية والمصالح القومية لكل الاطراف وبالتالي يجب اجراء الاستفتاء في جو معافي وسليم وامن وشفاف حتي يخرج بالنتيجة المرجوة . ولكن الان الجنوب يعاني من عدم استقرار وواضح ذلك في الصراع القائم بين الجيش الشعبي والعلاقة غير السوية ما بين الحركة الشعبية والأحزاب الجنوبية الأخري والصراع الجديد بين الجيش الشعبي والجنرال أطور وسيطرة الجيش الشعبي علي أوجه الصراع في الجنوب الأمر الذي ربنا يسيي ارهابا للمواطن الجنوبي ويجعله يصوت في النهاية لما يريده الجيش الشعبي ويري الفريق ابراهيم سليمان ان نتيجة الاستفتاء وفق هذه الظروف ستكون مريفة وغير حقيقية ومالاتها ستكون سالبة علي الاوضاع في الجنوب والتي قد تنعكس علي الشمال والمحيط الاقليمي والدولي. نقلا عن صحيفة التيار السودانية 27/5/2010م