قالت وزارة الصحة السودانية – الجمعة الماضية – أنها سوف تضطر للجوء إلى فصل الأطباء الذين يتوقفون عن العمل، وأشارت صحة ولاية الخرطوم الى أن وزارته والوزارة الاتحادية طبقت تطبيقاً فورياً – في خلال ساعات قلائل قرار الرئيس السوداني الذي منح الأطباء امتيازات مادية معتبرة في شأن العلاوات والبدلات – ومن ثم – بحسب الوزارة – فقد انتفت عمليات أية مبررات للاضراب. والواقع أن قضية اضراب الأطباء في السودان وهي قضية ظلت تتفاعل لاشهر خلت تجاوزت الآن كونها قضية مهنية مطلبية لأن الرئاسة السودانية، وقفزاً فوق كافة ظروف البلاد التي لم يستطع الاخوة الاطباء مراعاتها، استجابت لغالب طلبات الأطباء ووعدت بالاستمرار في الحل والاصلاح وأفادنا مصدر بوزارة الصحة الاتحادية في الخرطوم بأنه لم تعد هناك قضايا تستحق الاضراب ولم يعد الأمر متعلق بجانب مهني. وما من شك أن هذه الحقائق التي لمسناها عقب استطلاع أجريناه وسط الأطباء أنفسهم والكوادر المساعدة لهم تبدو بالفعل حقائقاً مجردة ووقائع ماثلة، فعوضاً عن أن الاضراب نفسه بالنسبة للطبيب باعتباره مسؤولاً عن انقاذ حياة الناس يعتبر جريمة جنائية وخنثاً بالقسم الطبي المعروف، فإن الاضراب نفسه – حتى ولو أعطيناه لباساً شرعياً – ينبغي أن يكون في حدود المطالب المهنية المعقولة، وأن يحرص الأخوة الأطباء على القيام بواجباتهم بما لا يحدث فجوة في العمل تعمل على تعميق جراحات الناس في المستشفيات، فالمرضى ليسوا طرفاً في القضية وهم لا ذنب لهم، كما أن شمول قرار الرئيس السوداني لعلاوت وبدلات وصل بعضها الى مبلغ (3.000) ثلاثة الف جنيه سوداني هو دون شك يعد مسكباً كبيراً يصعب التهوين منه، هذا اضافة الى أن وزارة الصحة – وبالمخالفة لكل قواعد العمل البيروقراطي – طبقت قرار الرئيس بعد ساعات فقط من صدوره وهو أمر نادر في كل الدنيا نظراً لضرورات المرور عبر القنوات الرسمية والمكاتبات والروتين الاداري المعروف في الخدمة المدنية. اذن هنالك على الأقل موقف ايجابي من الجهات المختصة يشير الى أن الحل ممكن، وهناك مؤشرات ايضاً على أن الحلول لديها قابلية الاستمرار ولعل الأهم من كل ذلك أن السودان الآن محط أنظار العالم كله عقب الاستحقاق الانتخابي الذي أجراه بنجاح في شهر ابريل المنصرم ويتجه الآن لتكوين أول حكومة منتخبة في ظل نظام رئاسي وفيدرالي ويواجه ايضاً عقب ذلك استحقاقاً يخص الجنوب السوداني حيث يتقرر مصيره في الاستفتاء المقرر له مطلع العام المقبل 2011 وهذه كلها ظروف جديرة بالمراعاة من طبقة مستنيرة مثل شريحة الاطباء، والذي فشلت الحكومة السودانية في تحقيقه عبر سنوات لا يمكنها تحقيقه في لحظات وتحت ضغط الاضراب والاقناع عن العمل وبحسب المصادر الطبية المختصة بالوزارة فإن الوزارة ليست مكتوفة اليد ولا مغلولة في تحركاتها، هي فقط ظلت تراعي ظروف الأطباء ولا تود البحث عن بدائل في هذه الظروف، وان كانت هذه البدائل سهلة ومتاحة على حد قول المصادر!