من المتوقع ان يقوم امين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسى بزيارة الى قطاع غزة في منتصف الاسبوع القادم ، واذا تمت فسيكون أول مسؤول رسمي عربي يطأ ارض غزة منذ اشهار الحصار عليها ، وفي ذلك الغياب اشارة كافية لمدى ما يمتلكه العرب من ارادة لكسر الحصار ودعم الصامدين الفلسطينيين هناك. دعونا نطوي أربع سنوات واكثر مضت على حصار غزة ، وعلى العدوان الاسرائيلي الذي واجهته وحدها ، وعلى "الممانعة" العربية في الاعتراف بالحكومة التي خرجت منها بانتخابات شعبية ، وعلى ما تضمنته التقارير الدولية والمحلية من "احوال" بائسة يعيشها الناس هناك ، وايضا على ما انتهت اليه فضيحة "القرصنة" الاسرائيلية للسفن من انكشاف لمنطق "الغرور" الاسرائيلي ، ومنطق الضعف العربي على حد سواء. دعونا نطوي ذلك كله ، ونحاول استثمار هذه "الفرصة" التاريخية التي جاءتنا على "طبق" تركي. تسألني: كيف؟ سأجيب على الفور (راجيا ألا تمط شفتيك) بأن اعادة الاعتبار للكرامة العربية (ان شئت ماء الوجه العربي) تفرض على السيد عمرو موسى ان يضع على جدول اعمال زيارته لغزة بندا أوليا ويخوله اعداد الترتيبات اللازمة لعقد قمة عربية استثنائية في القطاع ، تقتصر على مسألتين: احداهما رفع الحصار فورا ، وعقد المصالحة بين الاطراف الفلسطينية ، ولو حصل ذلك (لا تقل لي ان ذلك حلما صعبا أو وهما) فان الرسالة التي سيبعثها العرب من قمتهم الى كل من يعنيه الأمر ، ستكون واضحة بما يكفي ، لا لاقناع اسرائيل ومن يقف معها ، بعبثية استمرار الحصار ، وانما "لفرض" ذلك على الجميع ، وتحمل تبعاته السياسية ، ان كان ثمة تبعات ومخاوف ، وتطمين الشعوب العربية بأن حكوماتها ما تزال بخير. قمة عربية ، أو اسلامية ، في غزة ، ولم لا؟ هذا أقل ما يمكن لعواصمنا العربية أن تفعله "تضامنا" مع قضيتهم الأولى ، فلسطين ، وردا على القرصنة الاسرئيلية المتكررة ، واستجابة لنداء "الضمير" العالمي الذي تحرك في نيكاراجوا والاكوادور وفنزويلا وبوليفيا وغيرها من دول العالم التي "عاقبت" اسرائيل ، وتكميلا للدور التركي الذي عمد "بالدم" مياه غزة الصامدة. من المخجل حقا ان يتطوع "اردوغان" للابحار الى غزة وكسر الحصار عنها ، وان يعقد "قمة" تركية آحادية هناك ، ومن المخجل - ايضا - ان نسمع من تل ابيب بأن الحصار المفروض على غزة ليس اسرائيليا بامتياز ، وانما دولي وعربي ايضا ، وان نبقى متفرجين - على الاقل - أمام مشهد الافتراق الفلسطيني في مواجهة "الاجماع الشعبي العالمي" الذي أعاد لفلسطين وجهها الحقيقي ، كقضية انسانية. من المخجل ان تتغير الدنيا الى هذا الحد ، ويبقى العرب مصرين على "صمتهم" وحيادهم وعزلتهم ، وان لا يفكروا - مجرد تفكير - باطلاق خطوة كسر هذا "الظلام" الدامس ، أو تحرير شعوبنا من اليأس الذي أطبق عليهم. قمة عربية في غزة ، حتى ولو أسفرت عن قرار واحد عربي بفك الحصار فورا عن غزة ، قد تكفي لتطميننا بأن أمتنا ما زالت حية ، فهل يفعلها عمرو موسى؟ لا تقل لي ان ذلك انتصار لحماس على حساب فتح والسلطة ، أو ان ثمة "فيتوات" كثيرة تمنع ذلك ، أو ان خيباتنا في القمم العربية لا تشجعنا على عقدها ، حتى لو كان في غزة ، ولا تقل لي بأنني "انفخ" في الهواء.. وبأن رفع الحصار يحتاج الى قرار لا الى قمة.. قل فقط : اللهم اهد قومي فانهم "يعلمون"،. المصدر: الدستور 9/6/2010