تراجعت يوغندا – الثلاثاء الفائتة – عن موقفها الذي سبق وأن أبدته حيال توجيه الدعوة للرئيس السوداني المشير البشير لحضور قمة الاتحاد الأفريقي المقرر عقدها في كمبالا الشهر المقبل، وقال بيان مقتضب صادر عن الخارجية اليوغندية أن الحكومة اليوغندية وجهت الدعوة لكافة الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد الافريقي بما في ذلك السودان والذي تم تسليم الدعوة الخاصة به الى سفارة السودان بكمبالا وأشار البيان الى أن يوغندا تحترم موقف الاتحاد الافريقي فيما يتعلق بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في قضية البشير! من جانبها قللت الخارجية السودانية من الخطوة اليوغندية وقال المتحدث باسمها معاوية عثمان خالد ان حكومته تجري مشاورات بشأن ما صدر عن يوغندا وما تزمع الخرطوم إتخاذه حيال الأمر. والواقع أن الموقف اليوغندي مريب ومربك بكل المقاييس وأول ما يثير الارتياب فيه أن اختصاص توجيه الدعوة لحضور قمة الاتحاد الافريقي – كما هو مبين في ميثاق ولوائح الاتحاد – هو حق أصيل للسكرتارية المعنية ولا شأن للدولة المضيفة للقمة به، وهو أمر بديهي يصعب القول ان كمبالا كانت تجهله وحتى ولو جهلته فإن ذلك لا يعتبر عذراً لها اذ كما يقول فقهاء القانون فإن الجهل بالقانون ليس بعذر. الأمر الثاني أن يوغندا حتى حينما أرادت تصحيح موقفها قالت انها تحترم موقف الاتحاد الافريقي المتعلق بمسألة الجنائية في شأن الرئيس البشير! وكان الأوفق – لو كانت كمبالا صادقة وتحترم هذا الموقف حقاً – هو أن تقول انها (ملتزمة) بقرار الاتحاد الافريقي وليس فقط تحترمه ذلك لأن قرارات الاتحاد الافريقي حتى ولو كانت ليوغندا تحفظات عليها فهي واجبة الالتزام وليس فقط الاحترام، واذا كانت دول الاتحاد أصلاً لا تلتزم بالقرارات التي تصدر عن الاتحاد، فإن هذه القرارات، بل الاتحاد برمته يصبح عديم النفع والجدوى وما من داع له. لقد أخطأت يوغندا في موقفها ما في ذلك أدنى شك ولم يكن مجدياً تصحيح الخطأ بخطأ آخر ولعل لهذا السبب – ولأن المسألة لم تغب عن فطنة الخارجية السودانية – فقد قررت الاحتفاط بحقها في اتخاذ موقف مناسب ضد كمبالا. ومن المؤكد أن هذا الموقف اليوغندي مشبوه وفيه شوائب فيوغندا تريد ارضاء محكمة الجنايات الدولية والتظاهر أمامها بأنها حريصة على تنفيذ قراراتها وغير ملتزمة بموقف الاتحاد الافريقي المعلن الرافض لهذا التعاون وأغلب الظن أن الرئيس موسفيني قطع هذا الوعد لمدعي عام الجنايات الدولية إبان إنعقاد مؤتمر المحكمة مؤخراً في كمبالا، وفي ذات الوقت فإن يوغندا تريد أن تحرص على إنجاح القمة الافريقية المنعقدة في بلدها الشهر المقبل، ومن الواضح أن الأمرين متناقضين ويصعب الجمع بينهما وهو ما أعطى الحكومة السودانية مساحة للتدبر والتفكير في كيفية اتخاذ موقف تجاه كمبالا وهو الآن قيد التبلور ومن المنتظر أن يكون مؤثراً جداً!