الابتسامة الماكرة التي ارتسمت علي شفاه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لحظة وصول اثنين من قادة الحركات المسلحة بدارفور هما عبد الله بندة ابكر نورين ومحمد صالح جربو جاموس كانت تدل علي أن للأمر ما وراءه: وأعقب هذه الابتسامة قائلا ان وصولهما بمثل ثمرة اشهر من الجهود لضمان تعاون بندة وجربو لتأسيس عدالة دولية تحيط بكل من ارتكب جريمة في حق الانسان واضاف اوكامبو أن اول الغيث قطرة ولن يفلت أحد من يد المحكمة الدولية طال الزمن أم قصر ويذكر ان المحكمة الجنائية قد أجرت تحقيقا مع ادريس بحر أبو قردة أحد قادة الحركات المسلحة والذي سلم نفسه لمحكمة العدل الدولية في يناير الماضي وتمت معاملته برقة وتم الحجز له بأحد فنادق لاهاي وتم اطلاق سراحة عقب التحقيق معه والذي استمر لثلاث ساعات فقط وسمح له بالسفر الي أي جهة يرغب فيها وقيل ان المحكمة ستطلبه لاحقا اذا ثبتت ادانته وأرجع المدعي العام اطلاق سراحة الي تعاونه مع المحكمة. جر الحبل.! بيان أصدرته المحكمة الجنائية يوم الاربعاء الماضي والذي قالت فيه) سلم كل من المتهمين عبد الله بندا وصالح جربو نفسيهما طواعية لدي المحكمة الجنائية الدولية). ويذكر أن جربو وبندة متهمين في ثلاث مواد تتعلق بجرائم الحرب في الهجوم لذي وقع علي حسكنيتة في 29 سبتمبر 2007 ضد قوات أميس وقد أصدرت المحكمة الدولية أمر قبض في 27 أغسطس 2009م ويذكر أن جربو هو قائد جيش تحرير السودان – جناح الوحدة- وبندة قائد لمجموعة منشقة عن حركة العدل والمساواة التي يقودها خليل ابراهيم وتعتبر مطالبة المحكمة الجنائية بالرئيس البشير أول سابقة في العلاقات الدولية وفي أخطر التعديات علي السودان واستقلاله واستقراره السياسي مما يطرح سابقة مثيرة للجدل لا تتوقف عند حدود القانون وماهية أبرز القواعد القانونية الواردة في النظام الاساسي للمحكمة الجنائية. وبما أن المادة 12 من اتفاقية روما تقر بعدم صلاحية المحكمة تجاه المواطنين الذين يتبعون لدولة لم تصادق علي الاتفاقية – في الوقت الذي يري فيه القيادي بالحركة الشعبية ياسر سعيد عرمان في حوار صحفي سابق أن السودان قد وقع علي النظام الاساسي بروما في العام 2000م وقال ان ضحايا دارفور لابد من أخذ حقوقهم ولو بعد حين . الي هنا يبدو التضارب واضحا بين مواقف الشريكين – خاصة وأن الحكومة تتمسك بعدم مصادقتها في المحكمة. الرد .. الرد وفي هذا الجانب يقول الأستاذ عبد الرحمن الخليفة تقيب المحامين السودانيين أن السودان لم يوقع علي نظام روما الأساسي وأن موضوع دارفور في حد ذاته أحيل للمحكمة الجنائية من مجلس الأمن الدولي في العام 2005م بالقرار 1593 في الوقت الذي تفرض فيه اتفاقية روما أن تكون أي (حالة من هذا النوع قائمة علي قضية تهدد السلم والأمن الدوليين – أي قضية نزاع دولي وهي ليست حال دارفور والا فلماذا لا تقحم المحكمة الجنائية نفسها في كشمير والشيشان ومجازر اسرائيل في لبنان؟.. ويضيف الخليفة أن المحكمة في مجملها اصبحت لعبة سياسية. بيت القصيد بالاشارة لحديث اوكامبو بعد تسليم المتهمين للمحكمة الجنائية فان الابعاد السياسية للمحكمة قد استبانت معالمها فهي لن تحاكم ابو قردة أو بندة وجربو والهدف من ذلك أنها تريد أن تصل الي هدفها وأن تصل الي توريط عدد كبير من قادة المؤتمر الوطني بحجة تثبيت العدالة الدولية لتكون سابقة تحدد مسار السياسة التي تفرضها الولاياتالمتحدةالامريكية عبر المؤسسات الأممية وتسندها من الداخل وفق المصالح الامريكية التي تخدم مصالحها وتفرض علي دول العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وقد أورد أوكامبو في موقعه الالكتروني أن العدالة الدولية ستصل الي اقصي مراحلها ولا تلتفت الي صياح الغرقي وتبقي المسافة ما بين الحلول وتعقيد الأمور كثيرة تحتاج الي سفر سياسي وموقف دبلوماسي وتقديم تنازلات من قبل الحكومة والحركات المسلحة من أجل اضعاف موقف المحكمة الجنائية التي لا تجد الدعم من قبل عدد كبير من الدول الصديقة العربية والافريقية مما يعضد موقف السودان . لكن لا أحد يدرك ما هية اللعبة من الأجندة الخفية التي تمارسها المحكمة كل صباح جديد بالاعلان عن تسليم أحد المحاسبة والمحاكمة.. ويبقي باب التكهنات مفتوحا والجنائية تمارس لعبة جر الحبل ولا تفتر . نقلا عن صحيفة الحرة السودانية 20/6/2010م