لا شك ان أزمة دارفور تأخذ منحي الصعود والهبوط تبعاً لعدد من العوامل أبرزها العلاقات بين السودان وليبيا ، فكلما تأزمت العلاقة بين البلدين زادت الأزمة حدة و تتمتع العلاقات بين الطرفين بتاريخ طويل من التعاون التنسيق المتبادل ، فقد وصلت الى ما سمي التكامل السوداني الليبي – بيد انه من الواضح لم يكن الا مجرد سمنار سياسي عفا عليه الزمن واكل الدهر عليه و شرب ، فقد قامت طراتبلس بتهجير كافة السودانيين الموجودين بليبيا ومنذ ذلك الوقت لم تشهد العلاقات بين البلدين تقدماً يذكر الى ان أطلت على الساحة السودانية الازمة الدار فورية بأبعادها الامنية الخطيرة ..و يري مراقبون ان طرابلس ظلت تلعب فيها دوراً كبيراً و هنا دخلت العلاقات منعطفاً حرجاً فقد ألقت الحرب الاهلية بالاقليم بظلالها على العلاقات الامنية والاستراتيجية بين البلدين و يرجع ذلك الى افتقار النظام الليبي لرؤية تنسيقية مسبقة تمكن الحكومة فى البلدين من حل المعضلات الطارئة إذ لا تمكن اى تصور لما يمكن ان تؤول اليه الأمور لمعالجة القضايا الطارئة – لا سيما قضايا الحدود . و مما يترتب على ذلك من اخلال امني بينهما و منذ ذلك الحين لم تشهد العلاقات بين طرابلسوالخرطوم تحسناً الى ان طفت الى السطح الازمة الأخيرة بشأن احتضان طرابلس لزعيم حركة العدل خليل ابراهيم الذى تتهمه الخرطوم بارتكاب بعض الجرائم التى تتعلق بشعب دارفور و قدمت مذكرة اعتقال فى حقه ولم تقدم طرابلس تجاوباً فى هذا الامر و ذكرت بعض وكالات الأنباء نقلا عن مسئولين ليبيين وقيادات بارزة من حركة العدل عن اتجاه لنقل منبر الدوحة التفاوضي الى طرابلس ،و كشفت مصادر عن نية الجماهيرية سحب الملف الدارفوري من قطر و ذلك لأنها تعتبر نفسها صاحبة التأثير الاكبر على القارة الافريقية بصورة عامة و قضايا دارفور بصفة خاصة، و هذا ما جعل بعض المحللين السياسيين يلاحظون وجود الدور الليبي فى الازمة الدارفورية بحسب مصادر سودانية عليمة تري ان للجماهيرية دور كبير فى تأزم القضية الدارفورية واستشهدوا باحتضانها لخليل ابراهيم التى امتنعت عن استقباله كل من مص رو تشاد و يرير مراقبون ان قرار وزير الداخلية الأخير بشان اغلاق الحدود يأتي إمتداداً طبيعياً لتأزم العلاقات بين الخرطوم و طرابلس ،ولم تكن هذه الاخيرة هى المرة الوالي التى تسوء فيها العلاقة و تارة تنجلي مرة اخري حسب المصالح المتبادلة بين البلدين لكن هذه العلاقات لا ترقي لمستوي العلاقات السودانية القطرية ، فهذه الاخيرة تجد قدراً من الاحترام لدي الحكومة السودانية ..بل انها تعتبر ان منبر الدوحة التفاوضي هو المحطة الاخيرة فى سلام دارفور ..ففي هذا التصريح قد قطعت الحكومة الطريق امام اى محاولات لنقل منبر الدوحة الى طرابلس و يري محللون سياسيون ان كلا من الدوحة و طرابلس يبحثان عن موطئ قدم فى السودان و ان اى اتفاق يوقع فى الدوحة يفتح الباب امام وضعية خاصة لتحقيق المصالح القطرية فى السودان و تقوية العلاقات بين البلدين ،ويقفل الطريق امام النفوذ الليبي فى السودان . و لم يكن امام طرابلس الا احتواء حركة العدل و المساواة و دعمها بمختلف الوسائل من اجل (ثبات وجودها) فى الميدان و إقناع المجتمع الدولي بأن الدوحة ليست المحطة الأخيرة للتفاوض لذلك لابد من منبر بديل و فى هذه الحالة سوف تطالب حركة العدل بإقامة منبر تفاوضي بديل فى طرابلس بحجة ان الدوحة فشلت فى تحقيق سلام شامل فى دارفور و توقع المراقبون ان هذا من شأنه ايضاً ان يفتح الباب امام دول اخري تحاول جاهدة بأن توجد لنفسها موقعاًُ أسوة بالدوحةطرابلس ، لذلك يري المراقبون ان الحل يكمن فى السودانيين انفسهم بعيداً عن الأجندة الخارجية. علاقات ذات نواحي أمنة : بيد ان المحلل السياسي و الخبير الاستراتجي اسامة زين العابدين يري ان العلاقات السودانية الليبية تكمن فى النوحي الامنية و السياسية فقط ، مبيناً انها لا تكتسب أى اهمية اقتصادية نظراً لبعد المسافة التى تفصل بينهما الصحراء الكبري التى لا تشجع على الحركة التجارية بينهما. و قال زين العابدين ان الدور الليبي من ان جاءت الانقاذ حاولت ان تجعله محايداً و ان كثيراً ما كانت تشك فى دعم ليبيا للحركات الدارفورية لكنها تغض الطرف حرصاً على استمرارية العلاقة بين البلدين و عدم تأزمها ،وتابع بقوله: لو وافقت الحكومة السودانية على قيام منبر طرابلس يمكن لليبيا ان تلعب دوراً فى إحلال الأمن بدارفور ، و اشار الى حرص القيادة الليبية لجلب المنبر التفاوضي من الدوحة الى طرابلس فى الوقت الذى يتمركز بها زعيم حركة العدل خليل وبعض قادة الحركات المسلحة. على كل فان العلاقات السودانية الليبية تظل محط أنظار العالم فى الوقت الراهن فى ظل اتهامات سرية للحكومة الليبية لرعاية التمرد المسلح على الحكومة السودانية فى ظل غياب البدائل المماثلة من هذه الاخيرة التى تتجه الى خلق جو يعمه السلام فى دارفور و بعض الاقاليم الاخري – خاصة والاستفتاء و ما يترتب عليه – وحدة أم انفصال- قد يكون له مآلاته الأمنية التى تضع الحكومة السودانية اما اختيار واحد هوا إغلاق كافة الجبهات المسلحة و خلق توازن أمني بالبلاد بعيداً عن الازمات والتعقيدات الدولية خاصة بين دول الجوار – لا سيما الجماهيرية العظمي . نقلا عن الحرة 4/7/2010