لا نعلم سبباً واضحاً لبوادر الأزمة الجديدة بين القاهرةوالخرطوم حول مثلث حلايب، والتي أخذت طريقها إلى الإعلام مؤخراً، ولا ندري حتى الآن لماذا الأزمة في هذا الوقت، والبلدان يواجهان مخاطر استراتيجية قد تؤثر على مستقبلهما بشكل جذري، حيث يواجه السودان خطر التقسيم الذي يعتبره البعض أصبح مسألة وقت ليس إلا وأنه سيبدأ بانفصال الجنوب عقب الاستفتاء الوشيك، بينما تواجه مصر خطراً وجودياً يتعلق بأزمة مياه النيل بعد أن تحالفت ضدها دول الحوض كافة ولا يساندها غير السودان الذي سيتضرر ولكن بصورة أقل . لا مجال أمام قيادتي البلدين إلا احتواء بوادر هذه الأزمة، وأن تُركّز الجهود على الأخطار المشتركة، خاصة أن الفترة الأخيرة كانت قد شهدت بوادر تنسيق في قضايا المنطقة، خاصة مع تأكيد القاهرة عزمها تقديم العون والمساندة من أجل قيادة السودان إلى وحدة جاذبة وطوعية لإجهاض مشاريع التقسيم الغربية، فيما أكدت الخرطوم وقوفها إلى جانب مصر في أزمة حوض النيل . إن المسؤولية في تصحيح مسار العلاقات الثنائية تقع بنسبة كبيرة على الجانبين . رغم أن الخرطوم تطالب مراراً وتكراراً بإعادة الدور المصري القوي في السودان إلى سابق عهده، دعماً لأمن البلدين والأمن القومي العربي إلا أنها لم تجمد تحركاتها خلال السنوات الماضية، حيث فتحت نوافذ كثيرة على كل الاتجاهات ولم تعد القاهرة الوجهة الوحيدة، ما أوجد أدواراً عدة في حل قضايا حركات الانفصال والتمرد في الجنوب ودارفور وبقية المناطق، إلى جانب اختلاف الرؤى في السياسة الخارجية، حيث أصبح السودان أكثر قربا من قوى ومحاور تجد مصر أنها بعيدة عنها . إذن، ليس من المنطقي أن يكون هناك أي مجال لاستيلاد مزيد من الأزمات بين الدولتين في الوقت الحالي، خاصة أن هناك رغبة قوية لدى البلدين على المستويين النخبوي والشعبوي لإعادة التكامل والتعاون والتفاعل بين البلدين لمصلحة الطرفين، بينما يظل القرار الأخير في يد قيادتي البلدين اللتين لا تقلان إدراكاً لهذا الأمر، وأنهما يمتلكان القدرة على إعادة العلاقات لسابق عهدها وهذا ما يتمناه جميع العرب، وذلك حتى يمكن تفويت الفرصة على بعض الأطراف التي تسعى لجر البلدين إلى المواجهة . وعندما يتحقق هذا ونرجو أن يكون قريباً لاشك في أن الأجواء ستكون مناسبة أمام البلدين لمناقشة الخلافات والقضايا العالقة بينهما، أما غير ذلك فإن الأزمة ستلد المزيد من الأزمات . المصدر: الخليج 6/7/2010