تتعرض قبيلة الشلك المعروفة فى جنوب السودان الى ما يمكن وصفه بالإبادة الجماعية و المضايقات المستمرة من قبل بعض قادة الجيش الشعبي ،وبعض قادة الحركة الشعبية المنحدرين من قبيلة الدينكا. و تتصاعد هذه الايام تحركات من قبل قادة قبيلة الشلك لوقف ما وصفوه بالمجازر و الظلم الذى ظل يلحق بأبناء القبيلة . و كخلفية تاريخية مهمة، فان من المعروف ان قبيلة الشلك واحدة من أهم قبائل الجنوب السوداني و يتركز وجودها فى مناطق أعالي النيل على ضفتي النيل الشرقي و الغربي نهر السوباط وبحسب سطور التاريخ فان الشلك من القبائل المسالمة التى تتحاشي دائماً الدخول فى منازعات مع الآخرين و ذلك منذ وصولها الى المنطقة حسب المدونات التاريخية فى علام 1445 ميلادية ، و أنشأت لنفسها مملكة فى ذلك الحين أسسها أب القبيلة الروحي – (نيكانق أوكوا) . و يقول قدامي قادة الادارة الاهلية حتى من قبائل جنوبية أخري ان ساعة وصول قبيلة الشلك الى المنطقة لم تكن قبيلة الدينكا نفسها – كبري قبائل الجنوب - قد وصلت الى هناك. و يشكو أبناء الشلك - الذين تحدثوا ل(سودان سفاري)- من أن الاحتكاكات بينهم و بين بعض قبائل الدينكا فى المنطقة لم تنته و ظلت متصلة فيما وصفوه (سعياً لإبادتهم إبادة جماعية) وإبعادهم نهائياً عن المنطقة! و بمراجعتنا لسطور التاريخ وجدنا بالفعل ان قبيلة الشلك دفعت بمذكرة ضافية لوزير الإدارة أيام المجلس التنفيذي العالي لجنوب السودان فى ثمانينات القرن المنصرم ايام حكم الرئيس الراحل نميري وبالتحديد فى العام 1981 و ربحت إدعائها ، حيث أقرت لها الحكومة بأحقيتها فى الأرض وتكرر الأمر فى العام 1982 حين أصدر وزير الحكم اللامركزي (شارلس كوت) قراراً مسانداً لحق القبيل على أراضيها . ثم اضطرت القبيلة مرة ثالثة للتقدم بمذكرة للرئيس البشير فصدر قرار منه فى 1995 مؤكداً تبعية المنطقة للشلك . وفى العام 2004 حاولت قبيلة الدينكا تحريض زعيم الحركة الراحل د. قرنق لانتزاع ارض الشلك و تمليكها لهم ولكن الراحل قرنق - بحكمة عرفت عنه - رفض الطلب و إبتداءاً من عام توقيع السلام 2005 فان مخططاً علنياً بدأ باتجاه إبادة قبيلة الشلك و انتزاع أراضيهم ، و بدأت تصدر قرارات من قيادة الجيش الشعبي بنقل جنود الجيش الشعبي التابعين للقبيلة الى مناطق اخري فى بحر الغزال و الاستوائية وذلك سعياً لتجريد القبيلة من أى قوة عسكرية. و لعلنا نتذكر المواجهة الدامية التى شهدها استاد ملكال فى التسع من يناير 2009 فى احتفال السلام حيث سقط الآلاف من قبيلة الشلك و تم تشريدهم ونهبت ممتلكاتهم و قد قادت هذه الأحداث الى محاولة إلغاء وجود ابناء الشلك فى المجلس التشريعي ، ثم قام رئيس حكومة الجنوب نفسه بإصدار قرار بإقتطاع جزء من ارض الشلك و منحها للدينكا ! و عند حلول الاستحقاق الانتخابي فى ابريل 2010 فان ثلاثة من مرشحي الحركة بينهم وزير الاستثمار (أوياي دينق أجاك) والفريق (الفريد أكوج) وهنري أوماي توعدوا قبائل الشلك بالانتقام اذا لم يصوتوا لهم ،و بالفعل و عند سقوط هؤلاء فى الانتخابات جرت ابشع عمليات الحرق و الإبادة والتدمير ، وتم استخدام (سائل بلاستيكي حارق ) . ثم تلا ذلك و فى أواخر شهر مايو 2010 قيام قوة من الجيش الشعبي مؤلفة من 3 ألف جندي باجتياح منطقة الشلك و جري إحراق حوالي 12 قرية منها( كجو ، أومير ، أقورو ، دبلكوم ، فتوك ، نيقير ) ، بل تم الاستيلاء على عاصمة الشلك نفسها(فشودة) للمرة الاولي و وقعت عمليات اغتصاب وتشريد للمواطنين. و يعتقد أعيان قبيلة الشلك ان لديهم (قائمة مطولة ) لأسماء المسئولين فى حكومة الجنوب الذين قاموا بهذا العمل و خططوا وحرضوا عليه ويضيفون ان الجيش الشعبي يمارس الآن تطهيراً عرقياً ضد قبيلة الشلك لدرجة انزال المواطنين من المواصلات العامة واعتقالهم أو اطلاق النار عليهم كما حدث للمواطن (رونجوا كور) من منطقة (ديتوك) الذى تم انزاله من عربته قسراً فى 30 يونيو الماضي و اطلاق الرصاص عليه ! وهكذا فان قبيلة الشلك - كأنموذج - لما يقوم به الجيش الشعبي فى الجنوب من تطهير عرقي وإبادة جماعية تعيش الآن وضعاً مأساوياً وتطالب عبر مذكرات بترسيم حدود منطقتها و إجلاء عناصر الجيش الشعبي من الدينكا من مناطقهم ، ويمثل هذا المشهد أحد أسوأ مشاهد الممارسة السيئة للجيش الشعبي تجاه احدي أهم قبائل الجنوب وهو أمر يضم بين طياته نذيراً لحرب أهلية طاحنة بانت نذرها فى الجنوب السوداني ربما تقود الى وقوع مواجهات ، و محاولات انفصال لاحقة إذا انفصل الجنوب بحيث يصبح هو نفسه دويلات داخل الاقليم . ويا تري كيف يتسق هذا الواقع المحزن مع مواقف القيادي الأكثر إثارة للمنازعات وتهديداً لوحدة السودان و المنحدر من إثنية الشلك باقان أموم ؟ وأين الرجل من ما يجري للقبيلة التى ينتمي إليها ، واذا كان هذا هو موقف اموم من بني جلدته ويقف فى مقدمة من يسعون للقضاء المبرم عليها ، فأي نفع لهذا الرجل ؟ و لماذا تتغاضي الاممالمتحدة و محكمة الجنايات الدولية عن هذا الواقع المخزي فى جنوب السودان؟